لم يزل مستقبحا شرعا وعقلا ثم بين الوسوسة فقال وَقالَ إبليس لادم وحواء ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا اى الا لئلا تكونا او كراهة ان تكونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ الباقين الذين لا يموتون كما قال فى موضع اخر هل ادلك على شجرة الخلد واستدل به على فضل الملئكة على الأنبياء والجواب انه انما كانت رغبتهما فى ان يحصل لهما ما للملئكة من الكمالات والاستغناء عن الاطعمة والاشربة وذلك لا يدل على الفضل الكلى فان الفضل الكلى عبارة عن كثيرة الثواب والاقربية الى الله سبحانه لا غير.
وَقاسَمَهُما اى فاقسم لهما بالله إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ جواب للقسم ذكر القسم على زنة المفاعلة للمبالغة وقد ذكرنا القصة فى سورة البقرة قال قتادة حلف لهما بالله حتى خدعهما وقد يخدع المؤمن بالله وقال انى خلقت قبلكما وانا اعلم منكما فاتبعانى ارشدكما وإبليس أول من حلف بالله كاذبا فلما حلف ظن آدم ان أحد الا يحلف بالله كاذبا فاغتربه.
فَدَلَّاهُما الشيطان قال البغوي يعنى خدعهما يقال ما زال فلان يدلى لفلان بغرور يعنى ما زال يخدعه ويكلمه بزخرف القول بِغُرُورٍ اى باطل وقيل معنى دلّهما انزلهما من درجة عالية الى منزلة سافلة اى من مقام الطاعة الى مقام المعصية فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ اى فلما وجدا طعمها آخذين فى الاكل منها يعنى لم يستوفا الاكل حتّى أخذتهما العقوبة وشوم المعصية وتهافت عنهما لباسهما اخرج عبد بن حميد عن وهب بن منبه انه كان لباسهما من النور واخرج ابن ابى حاتم عن السدى عن الفريابي وابن ابى شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم وابو الشيخ وابن مردوية والبيهقي فى سننه وابن عساكر فى تاريخه عن ابن عباس قال كان لباس آدم وحواء كالظفر فلما أكلا من الشجرة لم يبق عليهما الأمثل الظفر فلما وقع منهما الذنب بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما فاستحيا وَطَفِقا اى أخذا يَخْصِفانِ يلزقان عَلَيْهِما اى على عوراتهما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وهو ورق التين حتّى صار شبيه الثوب كذا اخرج ابن ابى شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم وابو الشيخ وابن مردوية والبيهقي فى سننه وابن عساكر فى تاريخه عن ابن عباس قال الزجاج يجعلان على ورقة ليسترا سواتهما روى ابى بن كعب رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كان آدم رجلا طوالا كانه نخلة سحوق شعر الراس فلما وقع فى الخطيئة بدت له سؤاته وكان لا يراها


الصفحة التالية
Icon