فما شرب منهم أحد الا قتل الا ما كان من حكيم بن حزام فآنه لم يقتل واسلم بعد ذلك وحسن إسلامه فكان إذا اجتهد في يمينه قال لا والذي نجانى يوم بدر فلما اطمأن القوم بعثوا عمير بن وهب الجمحي واسلم بعد ذلك فقالوا له احرز لنا اصحاب محمد فجال بفرسه حول العسكر ثم رجع إليهم فقال ثلاثمائة رجل يزيدون قليلا او ينقصون لكن أمهلوني حتى انظر للقوم كمين «١» مدد فضرب «٢» فى الوادي حتى ابعد فلم يرشيئا فرجع إليهم فقال ما رأيت شيئا ولكن رأيت يا معشر قريش البلا «٣» يا تحمل المنايا نواضح «٤» يثرب تحمل الناقع «٥» قوم ليس لهم منعة ولا ملجاء الا سيوفهم اما ترونهم حرسا يتكلمون يتلمظون «٦» تلمظ الأفاعي والله ما ارى ان يقتل رجل منهم حتى يقتل منكم فاذا أصابوا منكم اعدادهم فما في العيش خير بعد ذلك فرأو آرائكم فبعثوا أبا سلمة الحشمى فاطاف بالمسلمين على فرسه ثم رجع فقال والله ما رأيت جلدا ولا عدوا ولا حلقة ولا كراعا ولكن رأيتهم قوما لا يرونهم يولوا الى أهليهم قوما مسلمين مستميتين ليست لهم منعة ولا ملجاء الا سيوفهم زرق الأعين كانهم الحصا تحت الحجف فرأو آرائكم فلما سمع حكيم بن حزام ذلك مشى في الناس فاتى عتبة بن ربيعة فكلمه يرجع بالناس وقال يا أبا الوليد انك كبير قريش وسيدها والمطاع فيها هل لك من الأمر لا تزال تذكر منه يخبر الى اخر الدهر قال وما ذاك يا حكيم قال ترجع بالناس وتحتمل امر حليفك عمرو الحضرمي قال قد فعلت أنت على بذلك انما هو حليفى فعليّ عقله «٧» وما أصيب من ماله فأت ابن حنظلة فابى لا أخشى ان يسحر امر الناس غيره يعنى أبا جهل ثم قال عتبة خطيبا في الناس فقال يا معشر قريش انكم والله ما تضعون فان تلقوا محمدا وأصحابه شيئا والله لئن أصبحتموه لا يزال الرجل في وجه رجل يكره النظر اليه قتل ابن عمه او ابن خاله او رجلا من عشيرته فارجعوا وخلوا بين محمد وسائر العرب فان أصابوه فذلك الذي أردتم وان كان غير ذلك القاكم «٨» ولم تعرضوه منه بما تريدون انى

(١) المستخفى في الحرب حيلة ١٢
(٢) ضرب في الوادي سار فيه ١٢
(٣) البلايا جمع بلية وهى الفاقة والداية تخف بيدها حضرة ويشد راسها الى خلفها وتبلى اى تترك على قبر الميت فلا تعلف ولا تسقى حتى تموت وكان بعض العرب ممن يقر بالبعث يزعم ان صاحبها يحشر عليها راكبا وإذا لم يفعل بها ذلك يحشر ما شيئا ١٢-
(٤) الناضح الإبل تسقى عليها الماء ١٢
(٥) الناقع البالع ويقال الثابت ١٢
(٦) التلمظ إدارة اللسان في القم تتبع اثر ما كان
(٧) عقل الدية ١٢
(٨) القاكم اوحدكم ١٢-


الصفحة التالية
Icon