اى فاسر باهلك الا امرأتك فلا تسربها وخلفها مع قومها- فان هواها إليهم وتصدقه «١» قراءة ابن مسعود فاسر باهلك بقطع من اللّيل الّا امرأتك ولا يلتفت منكم أحد- ومقتضى هذا الكلام ان فى إخراجها مع اهله روايتان- إحداهما انه أخرجها معهم- وأمروا ان لا يلتفت منهم أحد الا هى فالتفتت وقالت يا قوماه- وثانيهما انه امر باسراء غيرها من اهله- فان هواها إليهم فلم يسربها- واختلاف القراءتين لاختلاف الروايتين كذا قال صاحب المدارك وهذا القول غير سديد فان الروايتين متناقضتان لا يمكن جمعهما فان خروجها وعدم خروجها نقيضان- فاحداهما باطل بيقين والقراءتان قطعيتان ولا يصح حمل القواطع على المعاني المتناقضة- ولهذا قال البيضاوي الاولى جعل الاستثناء فى القراءتين عن قوله لا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ- ومثله قوله تعالى ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ والّا قليلا على القرائتين- ويرد عليه ان مختار النحويين فى كلام غير موجب البدل وان كان الجائز النصب ايضا- فحمل قراءة اكثر القراء على غير الأفصح غير ملائم- وأجاب عنه البيضاوي بانه لا بعد ان يكون اكثر القراء على غير الأفصح لكونه فصيحا ايضا- ولا يلزم من ذلك يعنى من الاستثناء من النهى عن الالتفات أمرها بالالتفات بل عدم نهيها عنه استصلاحا- ولذلك علله على طريقة الاستيناف بقوله إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ قلت وعلى ما ذكر البيضاوي محمل قراءة ابن مسعود انه من كلام ابن مسعود قاله تفسيرا للقران على رأيه- يعنى جعل الاستثناء من الأهل كما هو راى اكثر المفسرين والله اعلم- قلت وجاز ان يكون الاستثناء على قراءة النصب منقطعا- فان امراة لوط لم تكن من اهله لانها كانت كافرة على غير عمل صالح- وقد قال الله تعالى لنوح فى ابنه الكافر إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ- فلم تكن من اهله فى المخاطبين بقوله لا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ- واما على قراءة الرفع فاعتبرت من اهله من زمرة المخاطبين نظرا على وصلة النكاح- ولا منافاة بين الاعتبارين- قلت ويمكن ان يقال قراءة النصب على الاستثناء من الأهل وقراءة الرفع على الاستثناء من أحد ولا منافاة بينهما- وليس بناء القراءتين على روايتى خروج امراة لوط وعدم خروجها بل يصح معنى القراءتين على كل من الروايتين فانه على تقدير الاستثناء من الأهل معنى الاية اسر باهلك الا بامراتك ومقتضاه كون لوط مأمورا

(١) فى الأصل وتصديقه-


الصفحة التالية
Icon