ان قوله ﷺ شيّبتنى سورة هود مبنى على اشتمالها على قصص هلاك الأمم المشعر بالوعيد بالهلاك للظالمين من أمته- وذكر يوم القيامة كما سنذكر فى اخر السورة ان شاء الله تعالى وَلا تَطْغَوْا يعنى لا تجاوزوا عن حدود الشرع- وقيل معناه لا تغلوا فتزيدوا على ما أمرت ونهيته عن ابى هريرة عن النبي ﷺ قال ان الدين يسرو لن يشاد الدين أحد الا غلبه فسددوا وقاربوا وبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة رواه البخاري والنسائي قلت وهذا الحديث ايضا يدل على ان تشييب السورة رسول الله ﷺ ما كان لثقل الاستقامة والله اعلم- إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢) وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا قال ابن عباس اى لا تميلوا والركون المحبة والميل بالقلب- وقال ابو العالية لا ترضوا بأعمالهم- وقال السدى لا تداهنوا الظلمة- وقال عكرمة لا تطيعوهم- وقيل لا تسكنوا الى الذين ظلموا قال البيضاوي لا تميلوا إليهم ادنى ميل فان الركون هو الميل اليسير كالتزين بزيّهم وتعظيم ذكرهم فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ بركونكم إليهم- قال البيضاوي وإذا كان الركون الى الظالمين كذلك فما ظنك بالميل كل الميل إليهم- ثم بالظلم نفسه والانهماك فيه- ولعل الاية ابلغ ما يتصور فى النهى عن الظلم- روى ان رجلا صلى خلف الامام فلما قرا هذه الاية غشى عليه فلما أفاق قيل له فقال هذا فيمن ركن الى الظلم فكيف بالظالم- وعن الحسن جعل الله الدين بين لائين لا تطغوا ولا تركنوا- وعن الأوزاعي ما من شيء ابغض الى الله من عالم يزور ظالما- وعن أوس انه سمع رسول الله ﷺ يقول من مشى مع ظالم ليقويه وهو يعلم انه ظالم فقد خرج من الإسلام- وعن ابى هريرة انه سمع رجلا يقول ان الظالم لا يضر الا نفسه- فقال ابو هريرة بلى والله حتّى الحبارى لتموت فى وكرها هزلا بظلم الظالم- روى الحديثين فى شعب الايمان قال البيضاوي خطاب الرسول ﷺ ومن معه من المؤمنين بهذه الاية للتثبيت على الاستقامة الّتي هى العدل فان الزوال عنها بالميل الى أحد طرفى افراط او تفريط ظلم على نفسه او غيره بل ظلم فى نفسه وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ اى من أنصار يمنعون عنكم العذاب والواو للحال من مفعول فتمسكم النّار ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (١١٣) اى ثم لا ينصركم الله إذ سبق فى حكمه ان يعذبكم فيه وثم لاستبعاد النصر من الله تعالى- او لاستبعاد النصر مطلقا فانه لما ذكر