الصالحة عند الصوفية ان العالم الكبير شخص له نفس وروح وقوى على هيئة الإنسان ولذلك يسمى إنسانا كبيرا- ولمشابهته يسمى الإنسان عالما صغيرا- فكما ان فى العالم الصغير اعنى الإنسان قوة متخيلة فكذلك فى العالم الكبير متخيلة- يتخيل بها المحسوسات والمعقولات والاعراض والجواهر والمجردات والمعاني- فصور الأشياء كلها حتّى الواجب تعالى وصفاته- والممكنات بأسرها المجردات منها والماديات- وما لا صورة لها فى الخارج كالموت والحياة والأيام والسنين والأمراض موجودة فى تلك المتخيلة- بايجاد الله تعالى- ومن أجل ذلك راى رسول الله ﷺ الحمى على صورة امراة سوداء- وعبر يوسف عليه السلام البقرات والسنابل بالسنين- ومن هاهنا يظهر انه لا يشترط فى الصورة كونها من حبس المحكي عنه او مشتملا على جميع خصائصه- بل يكفى فى ذلك نوع من المناسبة- فلاجل تلك المناسبة الظاهرة او الخفية يتمثل فى متخيلة العالم الكبير ذلك الشيء بتلك الصورة ولاجل لك المناسبة الخفية راى يوسف عليه السلام أبويه واخوته فى صورة الشمس والقمر والكواكب- وقال رسول الله ﷺ الرؤيا ستة المرأة خير والبعير حرب واللبن فطرة والخضرة جنة والسفينة نجاة والتمر رزق- رواه ابو يعلى فى معجمه عن رجل من الصحابة بسند ضعيف- وتلك المتخيلة من العالم الكبير تسمى فى اصطلاح الصوفية بعالم المثال ثم تلك الصورة تنطبع لاجل المناسبة والمحاذات من متخيلة العالم الكبير فى متخيلة العالم الصغير اى الإنسان- وتراه النفس حين فراغها «١» عن مطالعة المحسوسات- فالانبياء عليهم الصلوات والتسليمات (لاجل عصمتهم عن الشيطان وعن معارضة الأوهام- ولاجل كون مناماتهم مقتصرة على العيون تنام عيونهم وقلوبهم يقظان- فيميزون مخترعات الخيال عن حقائق الإلهام) انحصرت رؤياهم فى القسم الثالث- ثم عدم العوارض المفسدة للمنامات الموجبة لوقوع الخطاء فيها متيقن فيهم عليهم السلام فرؤيا الأنبياء يكون وحيا قطعيا حتّى تصدى خليل الله عليه السلام لذبح ابنه وقال إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى - قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ- ورؤيا الصلحاء اعنى الأولياء الذين زكوا أنفسهم بالرياضات- وأزالوا عنها الكدورات الجبلية-

(١) فى الأصل فراعه-


الصفحة التالية
Icon