بذلك تزكية النفس والعجب بحاله- بل اظهار ما أنعم الله عليه من العصمة والتوفيق وترغيب الناس الى الاقتداء به والاقتفاء بآثاره- احرج ابن مردوية من حديث انس مرفوعا انه لما قال يوسف لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ قال له جبرئيل ولا حين هممت- فقال ذلك وذكره البيضاوي عن ابن عباس موقوفا إِنَّ النَّفْسَ يعنى ان النفس الحيواني المنبعث من العناصر الاربعة- الّتي هى مركب للقلب والروح وغيرهما من لطائف عالم الأمر- الّتي مقرها فوق العرش لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ من حيث انها بالطبع مائلة الى الشهوات والرذائل الّتي هى من خصائص العناصر الاربعة- كالغضب والكبر الذين هما مقتضى عنصر النار- والدناءة والخسة مقتضى الأرض- والتلون وقلة الصبر مقتضى الماء- والهزل واللهو مقتضى الهواء إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي فتح الياء نافع وابو عمرو وأسكنها الباقون يعنى الّا من رحم ربّى فما بمعنى من كما فى قوله تعالى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ فعصمه فلا يطيع نفسه ويجاهدها ولاجل ذلك المجاهدة يدرك افضلية على الملائكة- او المعنى الا وقت رحمة ربى- وما مصدرية يعنى إذا أدرك الإنسان رحمة الرّحمن بالاجتباء او بالانابة الى الأنبياء- فحينئذ يتزكى نفسه بتزكية من الله تعالى قال الله تعالى فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ... بَلِ «١» اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ- وتطمئن بمرضات الله ويخاطب بقوله تعالى ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي الصالحين- وحينئذ يبدل الله سيئاتها حسنات ويجعلها اماما لسائر اللطائف فى الخيرات وتستعد لتجليات الصفات ما لا يستعد لها لطائف عالم الأمر- وقيل الاستثناء منقطع اى لكن رحمة ربى هى الّتي تصرف الاساءة ويبدلها بالاصابة- وقيل الآيتان «٢» حكاية عن قول زليخا والمستثنى نفس يوسف وأمثاله والمعنى ان ذلك الّذي قلت من براءة يوسف ليعلم يوسف أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ اى لم أكذب عليه فى حال الغيبة- وجئت بالصدق فيما سئلت عنه- وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي من الخيانة فانى قد خنسته حين قذفته وقلت ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ وأودعته السجن- تريد الاعتذار مما كان منها بان كل نفس لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ الّا من رحم ربّى
(٢) فى الأصل ايتين-