ان كان أمنا على نفسه- وعلى جواز ان يتولى الإنسان عملا من يد سلطان جائر او كافر- إذا علم انه لا سبيل الى اقامة الحق وسياسية الخلق الا بتمكين ذلك الكافر او الجائر- وقد كان السلف من هذه الامة يتولون القضاء من جهة الظلمة- وقيل كان الملك يصدر عن رايه ولا يعترض فى كل ما راى فكان فى حكم التابع له- روى البغوي بسنده عن ابن عباس قال قال رسول الله ﷺ رحم الله أخي يوسف لو لم يقل اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ لاستعمله من ساعته- ولكنه اخر ذلك السنة فاقام فى بيته سنة مع الملك- وبإسناده عن ابن عباس قال لما انصرمت السنة من يوم سال الامارة- دعاه الملك فتوجّه وردّاه بسيفه- ووضع له السرير من ذهب مكلّلا بالدر والياقوت- وضرب عليه كلة من إستبرق- وطول السرير ثلاثون ذراعا وعرضه عشرة اذرع- عليه ثلاثون فراشا وستون مقرمة- ثم امره ان يخرج فخرج متوّجا لونه كالثلج ووجهه كالقمر يرى الناظر وجهه فى صفاء لون وجهه- فانطلق حتّى جلس على السير ودانت له الملوك- ودخل الملك بيته وفوض اليه امر مصر- وعزل قطفير عما كان عليه وجعل يوسف مكانه قاله ابن إسحاق- وقال ابن زيد وكان لملك مصر ريان خزائن كثيرة فسلم سلطانه كله اليه- وجعل امره وقضاءه نافذا- واخرج ابن جرير وابن ابى حاتم عن ابن إسحاق قال ذكروا ان قطفير هلك فى تلك الليالى- فزوج الملك يوسف زليخا امراة قطفير- فلما دخل عليها قال أليس هذا خيرا مما كنت تريدين- فقالت ايها الصديق لا تلمنى فانى كنت امراة كما ترى حسنا وجمالا- ناعمة كما ترى فى ملك ودنيا- وكان صاحبى لا يأتى النساء- وكنت كما جعلك الله فى حسنك وهيئتك- فغلبتنى نفسى على ما رايت- فزعموا انه وجدها يوسف عذراء- فاصابها فولدت له رجلين افرائيم- وميثا- واستوثق ليوسف ملك مصر واقام فيهم وأحبه الرجال والنساء فذلك قوله عز وجل.
وَكَذلِكَ اى مثل ذلك التمكين فى مجلس الملك مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ ارض مصر يَتَبَوَّأُ مِنْها اى ينزل من بلادها حَيْثُ يَشاءُ قرا ابن كثير بالنون على التكلم والباقون بالياء على الغيبة ردّا الى يوسف نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا اى بنعمتنا مَنْ نَشاءُ فى الدنيا