والاخرة وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦) بل نوفى أجورهم عاجلا وأجلا- قال ابن عباس رضى الله عنهما ووهب يعنى الصابرين- قال مجاهد وغيره فلم يزل يدعو الملك الى الإسلام ويتلطف له حتّى اسلم الملك وكثير من الناس فهذا فى الدنيا.
وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ اى ثوابها خَيْرٌ من نعماء الدنيا لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٥٧) ولما اطمان يوسف فى ملكه دبّر فى جمع الطعام واحسن التدبير- وبنى الحصون والبيوت الكثيرة وجمع فيها الطعام للسنين المجدبة- وأنفق بالمعروف حتّى خلت السنون المخصبة ودخلت السنون المجدبة بهول لم يعهد مثله- وروى انه كان قد دبر فى طعام الملك وحاشيته كل يوم مرة واحدة نصف النهار- فلما دخلت سنة القحط كان أول من اخذه الجوع هو الملك فى نصف الليل- فنادى يا يوسف الجوع الجوع- قال يوسف هذا أوان القحط- ففى السنة الاولى من سنى الجدب هلك كل شيء أعدوه فى السنين المخصبة- فجعل اهل مصر يبتاعون من يوسف الطعام- فباعهم أول سنة بالنقود حتّى لم يبق بمصر دينار ولا درهم الا قبضه- وباعهم فى السنة الثانية بالحلى والجواهر حتّى لم يبق فى أيد الناس منها شيء- وباعهم فى السنة الثالثة بالمواشي والدواب حتّى احتوى عليها اجمع- وباعهم فى السنة الرابعة بالعبيد والإماء حتّى لم يبق بيد أحد عبد ولا امة- وباعهم فى السنة الخامسة بالضياع والعقار والدور حتّى احتوى عليها- وباعهم فى السنة السادسة باولادهم حتّى استرقهم- وباعهم فى السنة السابعة برقابهم حتّى لم يبق بمصر حر ولا حرة إلا صار عبدا له- (قلت ان صح هذه الرواية لدلت على ان بيع الرجل نفسه وأولاده كان جائزا فى شريعة يوسف عليه السلام- كما كان استرقاق السارق جائزا- وقد افتى بعض العلماء فى القحط ببيع الحر نفسه وولده- ولا اصل لهذا القول فى شريعتنا والله اعلم) فقال الناس ما راينا كاليوم ملكا أجل وأعظم من هذا- ثم قال يوسف للملك كيف رايت صنع ربى فيما خولنى فما ترى- قال الملك الرأى رأيك ونحن لك تبع- قال فانى اشهد الله وأشهدك انى قد اعتقت اهل مصر عن آخرهم- ورددت عليهم املاكهم- وروى ان يوسف عليه السلام كان لا يشبع من الطعام فى تلك الأيام- فقيل له تجوع وبيدك خزائن الأرض- قال أخاف ان