فى الأزل بدايته ونهايته- يعنى كتب الله فى الأزل انّ زيدا يولد فى وقت كذا ويبقى منذ كذا كافرا ويسلم فى وقت كذا ونحو ذلك- وكذا لنزول اية من القران او معجزة قضى وجوده وقت مكتوب عند الله لا يتقدمه ولا يتاخر وان استعجل الناس- وجاز ان يكون هذا متعلقا بقوله تعالى وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ على ان يكون تلك الاية فى انكار اهل الكتاب على احكام يخالف احكام التورية يقول الله لكل أمد ووقت حكم يكتب على العباد على ما يقتضى استصلاحهم-.
يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ قرا ابن كثير وابو عمرو ويعقوب وعاصم يثبت بالتخفيف من الافعال- والباقون بالتشديد من التفعيل- واختلفوا فى معنى الاية قال سعيد بن جبير وقتادة يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ من الفرائض والشرائع فينسخه ويبدّله ويثبت ما يشاء منها فلا ينسخه- وهذا يناسب التأويل الثاني للاية المتقدمة عليها- وقال ابن عباس يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ يعنى مما كان فى اللوح- فما كان مكتوبا قابلا للمحو يسمى بالقضاء المعلق- يمحوه الله تعالى بايجاد ما علق محوه به- سواء كان ذلك التعليق مكتوبا فى اللوح او مضمرا فى علم الله تعالى- وما ليس قابلا للمحو يسمى بالقضاء المبرم- وذلك القضاء لا يرد قال ابن عباس يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ الا الرزق والاجل والسعادة والشقاوة يعنى انها «١» لا تمحى- قال البغوي روينا عن حذيفة بن أسيد عن النبي ﷺ انه قال يدخل الملك على النطفة بعد ما يستقر فى الرحم بأربعين او خمسة وأربعين ليلة- فيقول يا رب أشقى أم سعيد فيكتبان- فيقول اى رب اذكر أم أنثى فيكتبان- ويكتب عمله واثره واجله ورزقه ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص- وفى الصحيحين عن ابن مسعود قال حدثنا رسول الله ﷺ وهو الصادق المصدوق ان خلق أحدكم يجمع فى بطن امه أربعين يوما نطفة- ثم تكون علقة مثل ذلك- لم تكون مضغة مثل ذلك- ثم يبعث الله اليه ملكا بأربع كلمات فيكتب عمله وأحله ورزقه وشقى او سعيد- ثم