انكم باقون فى الدنيا لا تزالون بالموت ولعلهم قسموا بطرا وغرورا- او حكاية عن دلالة حالهم حيث بنوا شديدا وأملوا بعيدا- وقيل معناه اقسموا انهم لا ينقلون الى دار اخرى- او انهم إذا ماتوا لا يزالون عن تلك الحالة يعنى لا يبعثون بعد الموت نظيره قوله تعالى وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ....
وَسَكَنْتُمْ فى الدنيا فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بالكفر والمعاصي ممن كان قبلكم قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم وَتَبَيَّنَ لَكُمْ من مشاهدة اثار منازلهم وسماع اخبار ما نزل بهم- وفاعل تبيّن مضمر دل عليه الكلام اى تبين لكم حالهم- وكيف فى قوله كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ منصوب بقوله فعلنا فلم ينزجروا وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ (٤٥) من أحوالهم اى بيّنّا لكم على السنة المرسلين المؤيدين بالمعجزات انكم فى الكفر واستحقاق العذاب او المعنى بيّنّا صفات ما فعلوا وما فعل بهم الّتي هى فى الغرابة كالامثال المضروبة- او بيّنّا لكم الأمثال فى القران-.
وَقَدْ مَكَرُوا يعنى كفار مكة بالنبي ﷺ حيث أرادوا حبسه او إخراجه او قتله مَكْرَهُمْ قال المفسرون الضمير المجرور فى مكرهم راجع الى ما يرجع اليه الضمير المرفوع فى مكروا- والمعنى انهم مكروا مكرهم البليغ المستفرغ فيه جهدهم لابطال الحق وتقرير الباطل- وحينئذ لا تعلق لهذا الكلام بما سبق- وعندى ان الجملة معطوفة على قوله وسكنتم- والضمير المجرور راجع الى الموصول- والمراد الكفار السابقون «١» - والمرفوع الى الناس اى كفار هذه الامة- وفى الكلام التفات من الخطاب الى الغيبة- والمعنى سكنتم فى مساكن من قبلكم وتبين لكم ما فعلنا بهم وقد مكرتم مثل مكر السابقين وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ اى مكتوب عنده فعلهم فهو مجازيهم عليه- او عنده ما يمكرهم به جزاء لمكرهم وابطالا له وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ قرا علىّ وابن مسعود رضى الله عنهما وان كاد مكرهم بالدال وقراءة العامة بالنون لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (٤٦) قرا الكسائي وابن جريج بفتح اللام للتأكيد فى لتزول والرفع- على انّ ان مخففة من الثقيلة واللام هى الفاصلة والمعنى انه كان مكرهم يعنى شركهم عظيما شديدا بحيث تزول منه الجبال بمعنى قوله تعالى تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً- قال البغوي حكى عن علىّ بن ابى طالب رضى الله عنه