لا يبصر الثمر والمقعد لا يناله فحمل الأعمى المقعد فاصابا من الثمر فعليهما العذاب- أضيف النفس الى النفس فى قوله تعالى فى نفسها لانه يقال لعين الشيء وذاته نفسه ولنقيضه غيره كانه قال يوم تجادل كل أحد عن ذاته وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ اى كل أحد جزاء ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١١١) اى لا ينقصون أجورهم-.
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً اى جعل الله قرية كما وصف مثلا لكل قوم أنعم الله عليهم فابطرتهم النعمة فكفروا فانزل به نقمته- فيجوز انه تعالى أراد بها قرية مقدرة على هذه الصفة او قرية من قرى الأولين قد كان بهذه الصفة فضربها مثلا لمكة انذارا من مثل عاقبتها- وقال البغوي أراد بالقرية «١» مكة فعلى هذا معنى الاية جعل الله تعالى مكة بحال يضرب بها مثلا لغيرها فانها كانَتْ آمِنَةً لا يهاج أهلها ولا يغار عليها مُطْمَئِنَّةً قارة باهلها لا يحتاجون الى الانتقال لضيق او خوف كما يحتاج اليه سائر العرب يَأْتِيها رِزْقُها أقواتها رَغَداً واسعا مِنْ كُلِّ مَكانٍ من نواحيها من البحر والبر فَكَفَرَتْ أهلها بِأَنْعُمِ اللَّهِ اى بنعمه جمع نعمة على ترك الاعتداد بالتاء كدرع وادرع او جمع نعم كبؤس وابؤس فَأَذاقَهَا اى أذاق أهلها اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ استعار الذوق لادراك اثر الضرر واللباس لما اشتمله من اثر الجوع والخوف وهو الهزال وتغير اللون وأوقع الا ذاقة عليه بالنظر الى المستعار له بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (١١٢) من الكفر والكفران- قال البغوي ابتلى الله اهل مكة بالجوع سبع سنين وقطعت العرب عنهم الميرة بامر رسول الله ﷺ حتّى جهدوا فاكلوا العظام المحرقة والجيف والكلاب الميتة والعلهز «٢» وهو الوبر يعالج بالدم حتّى كان أحدهم ينظر الى السماء فيرى شبه الدخان من الجوع ثم ان رؤساء مكة كلموا رسول الله ﷺ وقالوا هذا عاديت الرجال فما بال النساء
(٢) وهو شيء يتخذونه فى سنى المجاعة يخلطون الدم باوبار الإبل ثم يشوّونه بالنار ويأكلون وقيل يخلطون فيه القردان ويقال للقرار الضخم علهز وقيل العلهز شيء ينبت فى ديار سليم نهايه- منه رح