فسالهم فقال يا بنى إسرائيل ما شأن هذا الدم يغلى أخبروني خبره- قالوا هذا دم قربان لنا قربناه فلم يقبل منا فكذلك يغلى ولقد قرّبنا منذ ثمان مائة سنة القربان فيقبل منا الا هذا- فقال ما صدقتمونى قالوا لو كان كاول زماننا ليقبل منا ولكن قد انقطع منا الملك والنبوة والوحى فلذلك لم يقبل منا- فذبح منهم يبورز أذان على ذلك الدم سبعمائة وسبعين زوجا من رءوسهم فلم يهدأ- فأمر فاتى بسبعمائة غلام من غلمانهم فذبحهم على الدم فلم يبرد- فلما راى يبورز أذان ان الدم لا يهدا قال لهم يا بنى إسرائيل ويلكم اصدقونى (واصبروا على امر ربكم فقد طال ما ملكتم فى الأرض تفعلون فيها ما شئتم) قبل ان لا اترك منكم نافخ نار ذكر ولا أنثى الا قتلته- فلمّا راوا الجهد وشدة القتل صدقوا الخبر فقالوا ان هذا دم نبىّ كان ينهانا عن امور كثيرة من سخط الله فلو اطعناه فيها لكان ارشد لنا وكان يخبرنا يأمركم فلم نصدقه فقتلناه فهذا دمه- قال يبورز أذان ما كان اسمه قالوا يحيى بن زكريا قال الان صدقتمونى لمثل هذا ينتقم ربكم منكم- فلما راى يبورز أذان انهم صدقوه خر ساجدا وقال لمن حوله أغلقوا أبواب المدينة واخرجوا من كان هاهنا من جيش خردوش وخلافى بنى إسرائيل- وقال يا يحيى بن زكريا قد علم ربى وربك ما أصاب قومك من أجلك وما قتل منهم فاهدا بإذن ربك قبل ان لا أبقى من قومك أحدا فهدا الدم بإذن الله- ورفع يبورز أذان عنهم القتل وقال امنت بما امنت به بنو إسرائيل وأيقنت انه لا رب غيره- وقال لبنى إسرائيل ان خردوش أمرني ان اقتل منكم حتّى تسيل دماؤكم وسط عسكره وانى لست أستطيع ان أعصيه- قالوا له افعل ما أمرت به فامرهم فحفروا خندقا وامر باموالهم من الخيل والبغال والحمير والإبل والبقر والغنم فذبحها حتّى سال الدم فى العسكر وامر بالقتلى الذين قتلوا
قبل ذلك فطرحوا على ما قتل من مواشيهم- فلم يظن خردوش الا ان ما فى الخندق من بنى إسرائيل فلمّا بلغ الدم عسكره أرسل الى يبورز أذان ان ارفع عنهم القتل ثم انصرف الى بابل وقد أفنى بنى إسرائيل او كاد يفنيهم وهى الوقعة الاخيرة الّتي انزل الله لبنى إسرائيل فقوله تعالى لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ فكانت الوقعة الاولى بخت نصر وجنوده والاخرى خردوش وجنوده


الصفحة التالية
Icon