وكانت أعظم الوقعتين- فلم تقم بعد ذلك لهم رأية وانتقل الملك بالشام ونواحيها الى الروم واليونانية- الا ان بقايا بنى إسرائيل كثروا وكانت لهم الرياسة ببيت المقدس ونواحيها على غير وجه الملك- وكانوا فى نعمة الى ان بدلوا وأحدثوا الأحداث فسلط الله عليهم ططيوس بن اسيانوس الرومي فاخرب بلادهم وطردهم عنها ونزع الله عنهم الملك والرياسة وضرب عليهم الذلة فليسوا فى امة الا وعليهم الصغار والجزية وبقي بيت المقدس خرابا الى ايام عمر بن الخطاب رضى الله عنه فعمّره المسلمون بامره- وقال قتادة بعث الله عليهم فى الاولى جالوت فسبّى وخرّب ثمّ رددنا لكم الكرّة عليهم فى زمان داؤد- فاذا جاء وعد الاخرة بعث الله عليهم بخت نصر فسبّى وخرّب ثم قال.
عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ فعاد الله عليهم بالرحمة ثم عاد القوم بشر ما بحضرتهم فبعث الله عليهم ما شاء نقمته وعقوبته- ثم بعث عليهم العرب كما قال وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ- فهم منهم فى عذاب الى يوم القيامة وذكر السدىّ بإسناده ان رجلا من بنى إسرائيل راى فى النوم ان خراب بيت المقدس على يدى غلام يتيم ابن ارملة بابل يدعى بخت نصر وكانوا يصدقون فتصدق رؤياهم- فاقبل يسئل عنه حتّى نزل على امه وهو يحتطب فجاء وعلى رأسه حزمة حطب فالقاها ثم قعدو كلمه ثم أعطاه ثلاثة دراهم فقال اشتر بهذا طعاما وشرابا فاشترى بدرهم لحما وبدرهم خبزا وبدرهم خمرا فاكلوا وشربوا- وفعل فى اليوم الثاني كذلك وفى الثالث كذلك- ثم قال انى أحب ان تكتب لى أمانا ان أنت ملكت يوما من الدهر قال أتستخر منى- فقال انى لا أسخر منك ولكن ما عليك ان تتخذ بها عندى يدا- فكتب له أمانا فقال ان جئت والناس حولك قد حالوا بينى وبينك- قال ترفع صحيفتك على قصبة فاعرفك فكتب له وأعطاه- ثم ان ملك بنى إسرائيل كان يكرّم يحيى بن زكريا عليه السلام ويدنى مجلسه وانه هوى بنت امرأته وقال ابن عباس ابنة أخته فسال يحيى فنهاه عن نكاحها- فبلغ ذلك أمها فحقدت على يحيى وعمدت حين جلس الملك على شرابه فالبستها ثيابا رقاقا حمرا وطيبتها وألبستها الحلي وأرسلتها الى الملك وأمرتها ان تسقيه- فان راودها على نفسه أبت عليه


الصفحة التالية
Icon