ولا يلزم من توقع الشيء لوجود ما يدعو اليه وقوعه- لجواز ان يكون ما يصرف عنه وهو عصمة الرسول عن الخيانة فى الوحى والتقية فى التبليغ هاهنا- قلت وبهذا يندفع ما قيل ان لعل من الله واجبة الوقوع وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ الضمير فى به مبهم تفسيره أَنْ يَقُولُوا لَوْلا هلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ «١» على محمّد كَنْزٌ ينفقه فى الاستتباع كالملوك أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ يصدقه قاله عبد الله بن امية المخزومي- يعنى يضيق صدرك وتغتم بقولهم هذا- وجاز ان يكون المعنى لعلّك تارك بعض ما يوحى إليك اى تترك تبليغه إياهم لتهاونهم به وضائق به اى يضيق بذلك الترك صدرك فان ترك ما امر الله به يوجب ضيق الصدر كما ان إتيان ما امر الله به يوجب انشراح الصدر- ان يقولوا اى تترك التبليغ مخافة ردهم واستهزائهم بان يقولوا وضائق صدرك لاجل أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ ان كان رسولا فقال الله تعالى إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ يعنى ليس عليك الا الانذار بما يوحى إليك ولا عليك شيء ان ردوا او اقترحوا او قالوا ايت بقرآن غير هذا- فما بالك تترك بقولهم او بمخافة ردهم او يضيق صدرك بقولهم وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٢) يحفظ ما يقولون فيجازيهم عليه-
أَمْ يَقُولُونَ أم منقطعة والاستفهام فيه للانكار يعنى بل أيقولون افْتَراهُ اى اختلقه من عند نفسه الضمير المنصوب عائد الى ما يوحى قُلْ يا محمّد فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ فان قيل قد قال فى سورة يونس فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وقد عجزوا عنه فكيف قال فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ فهو كرجل يقول لاخر أعطني درهما فيعجز فيقول أعطني عشرة- أجيب بان سورة هود نزلت اولا فلما عجزوا عن إتيان العشرة انزل بعد ذلك فاتوا بسورة- وأنكر المبرد هذا الجواب وقال بل نزلت سورة يونس اولا وأجاب بان معنى قوله فى سورة يونس فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ فى الاخبار عن الغيب والاحكام والوعد والوعيد على طبق الكتب المنزلة المتقدمة فعجزوا عن ذلك فقال لهم فى سورة هود فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ فى مجرد البلاغة وحسن النظم- قلت ثم قال فى سورة البقرة فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ- وتوحيد المثل باعتبار كل واحد مُفْتَرَياتٍ مختلقات من عند أنفسكم ان صح انى اختلقته فانكم عرب فصحاء مثلى تقدرون على ما اقدر عليه بل

(١) فى الأصل الى محمّد-


الصفحة التالية
Icon