فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها اى لا يصرفنك عن لقاء الله او عن الايمان بإتيان الساعة او عن اقامة الصلاة او عن العمل للساعة مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها نهى الكافر من ان يصد موسى عنها والمراد منه نهيه عليه السلام من ان ينصد عنها بصده- كقوله لا ارينك هاهنا تنبيها على ان الفطرة السليمة يأبى عن الاعراض عنها ويقتضى الرسوخ في الدين وان صدر الكافر انما هو لاعوجاج فيه وَاتَّبَعَ هَواهُ فمال الى اللذات المحسوسة الفانية- وكف نظره عن درك ما فيها من الشر وعن اعتقاد العقاب عليها عطف على لا يؤمن او حال بتقدير قد من فاعله فَتَرْدى (١٦) فتهلك بالانصداد منصوب بتقدير ان بعد الفاء في جواب النهى-.
وَما تِلْكَ استفهام تقدير استيقاظا وتنبيها على انها عصا حتى يظهر كونها معجزة عظيمة إذا راى منها عجائب كلمة ما مبتدء وتلك خبره وهى بمعنى هذه وقوله بِيَمِينِكَ حال منها والعامل فيه معنى الاشارة اى قارة او ماخوذة بيمينك او تلك موصول صلة بيمينك بِمُوسى (١٧) تكرير لزيادة الاستيناس والتنبيه.
قالَ هِيَ عَصايَ قال البغوي وكانت له شعبتان وفى لمسفلها سنان ولها محجن قال مقاتل اسمها تبعة أَتَوَكَّؤُا اعتمد عَلَيْها إذا أعييت وعند الوثبة وإذا وقفت على راس القطيع وَأَهُشُّ بِها اى اضرب بها الشجرة ليسقط ورقها عَلى رؤس غَنَمِي كى تأكلها في القاموس هش الورق يهش خبطه إذا ضربه ضربا شديدا وَلِيَ قرأ ورش وحفص بفتح الياء والباقون بإسكانها فِيها مَآرِبُ حاجات اى قضاؤها أُخْرى (١٨) صفة لما رب والقياس آخر وانما قال اخرى ردّا الى الجماعة لرعاية رؤس الآي وكذا الكبرى- وذلك المآرب ان يلقيها على عاتقه فيعلق بها اداوته وزاده وان يعرض الزندين على شعبتيها ويلقى عليها الكساء ويستظل به وإذا قصر الرشاء يصل به- وإذا تعرضت السباع لغنمه يقاتل به- قال البيضاوي كانه عليه السلام فهم ان المقصود من السؤال ان يتذكر حقيقتها وما يرى من منافعها حتى إذا راى بعد ذلك على خلاف تلك الحقيقة ووجد منها خصائص اخرى استيقن كونها خارقة العادة ولاجل ذلك ذكر حقيقتها ومنافعها مفصلا ومجملا- ليطابق جوابه الغرض الّذي فهمه- ومعنى الكلام انها من جنس العصا ينتفع عنها منافع أمثالها- وقال بعض اهل العشق ان موسى عليه السلام زاد على قدر الجواب بقوله عصاى وبسط في الكلام التذاذا بمكالمة المحبوب ثم أجمل ولم يفصل جميعها أدبا وخوفا من تطويل الكلام.