قال البغوي اتخذت أم موسى تابوتا وجعلت فيه قطنا محلوجا ووضعت فيه موسى وقرت رأسه وخصاصه يعنى شقوقه ثم ألقته في النيل- وكان يشرع منه نهر كبير في دار فرعون- فبينما فرعون جالس على رأس النهر مع امرأته آسية إذا هو بتابوت يجئ به الماء- فامر الجواري والغلمان بإخراجه فاخرجوه وفتحوا رأسه فاذا فيه صبى من أصبح الناس وجها- فلما راه فرعون أحبه بحيث لم يتمالك نفسه فذالك قوله تعالى وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي (٥٠) ظرف مستقر صفة لمحبة او لغو متعلق بألقيت اى ألقيت عليك محبّة كائنة منّى قد ذرعتها في القلوب- او ألقيت منّى محبّة عليك يعنى أحببتك ومتى أحبه الله أحبته القلوب- قال ابن عباس أحببته وحبّبته الى خلقى قال عكرمة ما رأه أحد الّا احبّه قال قتادة ملاحة كانت في عينى موسى ما راه أحد الا عشقه وجاز ان يكون المعنى ألقيت محبّة كائنة منّى عليك اى في قلبك بحيث لستولى تلك المحبة عليك فاجبتنى وأخلصت قلبك لمحبتى بحيث لم يلتفت الى غيرى فصرت راس المحبين- قال المجدد للالف الثاني رضى الله عنه كان مبداء تعيّن الكليم صلوات الله عليه المحبيّة الصرفة ومبداء تعيّن الحبيب محمد ﷺ المحبوبيّة الصرفة فلاجل ذلك كان الكليم عليه السلام رأس المحبين والحبيب ﷺ راس المحبوبين- والصوفي بنظر الكشف يرى في دائرة الحب محيطا وهى الخلّة مبد التعين الخليل عليه السلام ومركزا وهو المحبة الصرفة مبدا لتعيّن الكليم عليه السلام- والمركز أعلى وأفضل وأوسع من المحيط كالقمر بالنسبة الى الهالة ثم المركز عند الصعود اليه يرى دائرة محيطها مبد التعين الكليم عليه السلام ومركزها لتعين الحبيب ﷺ وعلى إخوانه-
ولمّا كان الحبيب ﷺ في غاية المرتبة من المحبوبية صار مبدا تعينه مركز الدائرة المحبوبية الصرفة وترك محيطها (وهو المحبوبية الممتزجة) لبعض افراد أمته- وذلك الفرد هو المجدد للالف الثاني رضى الله عنه والله اعلم وظاهر اللفظ يقتضى ان اليم القاها بالساحل فالتقطه ال فرعون ليكون لهم عدوّا وحزنا فان صح ان ال فرعون أخرجوه من اليم فيول الساحل بحيث فهو نهره والله اعلم وقوله ألقيت معطوف على قوله أوحينا وَلِتُصْنَعَ اى تربى ويحسن إليك من صنعت فرسى إذا أحسنت القيام عليه- قرأ ابو جعفر بالجزم على انها امر عَلى عَيْنِي قرأ نافع وابو عمرو بفتح الياء والباقون بإسكانها حال من ضمير المخاطب المرفوع يعنى لتصنع كائنا على حفظى- وقوله لتصنع على قراءة الجمهور معطوف


الصفحة التالية
Icon