عن تناول المحرمات او المستلذات من المباحات فالامر للترفية وللرد على الرهبانية في رفض الطيبات وقيل هى الحلال الصافي القوام فالحلال ما لا يعصى الله فيه وضده الحرام- والصافي ما لا ينسى الله فيه وضده ما يلهيه وبوقعه في انهماك الشهوات والقوام ما يمسك النفس ويحفظ العقل والقوى وضده القدر الزائد على الشبع وَاعْمَلُوا صالِحاً اى عملا يراد به وجه الله على وفق ما امر به خالصا له تعالى من غير شرك جلى ولا خفى وضده الفاسد وهو ما يكرهه الله تعالى من قول افعل وتقدير الكلام وقلنا لهم يا ايها الرسل كلوا الى آخره فهو حكاية عما خوطب به الأنبياء كل نبى في زمانه لا على انهم خوطبوا به دفعة- وقال الحسن ومجاهد وقتادة والسّدى والكلبي وجماعة خوطب به محمّد ﷺ وحده على مذهب العرب في مخاطبة الواحد بلفظ الجمع- قلت ومبنى ذلك على التعظيم وفيه اشارة الى فضله او لقيامه مقام جماعة فانه أرسل الى الناس كافة- وجاز ان يكون المراد به النبي ﷺ وعلماء أمته فانهم برازخ بين الرسول وأمته كما ان الرسول برزخ بينهم وبين الله تعالى قال رسول الله ﷺ العلماء ورثة الأنبياء وقيل خوطب به عيسى عليه السّلام عند ايوائه وامه الى الربوة فذكر لهما ما خوطب به الأنبياء كل نبى في زمانه ليقتد يا بالرسل في تناول ما رزقا ويقتضيه سياق القصة إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١) فاجازيكم على حسب أعمالكم فالجملة في مقام التعليل.
وَإِنَّ هذِهِ اى أكل الطيبات والعمل بالصالحات قرأ الكوفيون بكسر الهمزة على انه جملة في محل النصب حال من فاعل كلوا او هى معطوفة على جملة سابقة فيكون في مقولة قلنا على تقديره- والباقون بفتحها «١» عطفا على ما تعملون او بتقدير اللام يعنى ولانّ هذه امّتكم او منصوب بتقدير اعلموا ان هذه أُمَّتُكُمْ اى ملتكم وشريعتكم الّتي أنتم بأجمعكم عليها أُمَّةً اى ملة واحِدَةً وهى الإسلام متحدا في العقائد واصول الشرائع والعمل في الفروع

(١) وقرا ابن عامر بفتح الهمزة وتخفيف النون على انها مخففة من الثقيلة- ابو محمّد عفا الله عنه


الصفحة التالية
Icon