الموعودة على الطاعات بالمبادرة إليها- او يسارعون في نيل الخيرات الدنيوية الموعودة على صالح الأعمال بالمبادرة إليها- حيث قال رسول الله ﷺ لا يرد البلاء الا الدعاء ولا يزيد في العمر الا البر- فهذه الاية حينئذ كقوله فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ- فيكون اثباتا لهم ما نفى عن أضدادهم- قلت لعل المراد بالخيرات الّتي يسارع إليها المؤمنون في الدنيا هو الاطمينان بذكر الله والالتذاذ به والشبع بالكفاف وعدم الخوف من زوال نعماء الدنيا وعدم الخوف والرجاء عن أحد سوى الله تعالى- والمبشرات الّتي يدرك بالإلهام او المنام وَهُمْ لَها سابِقُونَ (٦١) اى لاجل الخيرات سابقون الناس الى الجنات او فاعلون السبق الى الطاعات او الثواب او الجنة او سابقون الى خيرات ينالونها في الدنيا قبل الاخرة حيث عجلت لهم- وقيل اللام هاهنا بمعنى الى يعنى وهم الى الخيرات سابقون كقوله تعالى لِما نُهُوا عَنْهُ اى الى ما نهوا عنه ومن هاهنا قال الكلبي سبقوا الأمم الى الخيرات- وقال ابن عباس معنى الاية سبقت لهم من الله السعادة.
وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها جملة في محل النصب على الحال من فاعل يسارعون في الخيرات يعنى ما مسارعتهم الى الاجتهاد الا بطيب أنفسهم التذاذا- وما كلفناهم الا بقدر طاقتهم وَلَدَيْنا كِتابٌ يعنى اللوح المحفوظ او صحائف الأعمال يَنْطِقُ بِالْحَقِّ اى بما هو الثابت المتحقق في الواقع يعنى أعمالهم ثابتة لدينا لا نضيع منها شيئا بل نثيب عليها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٢) اى لا ينقص من حسناتهم ولا يزاد على سيئاتهم شيء- قوله ولدينا كتاب حال ثان مرادف للاول وقوله إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ الى آخره جملة معترضة لبيان احوال المؤمنين في أثناء ذكر الكافرين- فقوله.
بَلْ قُلُوبُهُمْ إلخ متصل بقوله تعالى بَلْ لا يَشْعُرُونَ يعنى بل قلوب الكفرة الذين لا شعور لهم فِي غَمْرَةٍ اى في غفلة غامرة مِنْ هذا يعنى من عدم شعورهم فهم كما لا يشعرون لا يشعرون انهم لا يشعرون- او المعنى هم في غمرة من نفس الشعور فهم كما لا يشعرون حالا لا يشعرون في الاستقبال لانتفاء صلاحية الشعور