من اتّبع الهدى فانه تعريض بانّ العذاب على من كذّب وتولّى قال البغوي فلمّا كلمهم عيسى بهذا علموا براءة مريم ثم سكت عيسى فلم يتكلم بعد ذلك حتى نبلغ المدة الّتي يتكلم فيها الصبيان-.
ذلِكَ الّذي تقدم ذكره بكونه معترفا بالعبودية وغير ذلك عِيسَى مبتدا وخبر ابْنُ مَرْيَمَ نعت او خبرثان يعنى ليس عيسى من يصفه النصارى بالالوهية فانه منحوت خيالهم- فيه تكذيب لهم فيما يصفونه على الوجه الأبلغ والطريق البرهاني حيث جعله الموصوف باضداد ما يصفونه- ثم عكس الحكم قَوْلَ الْحَقِّ قرأ ابن عامر وعاصم ويعفو بالنصب على انه مصدر موكد تقديره أقول قول الحقّ او على المدح- والباقون بالرفع على انه خبر مبتداء محذوف اى الكلام السابق قول الحقّ لاريب فيه واضافة القول الى الحق للبيان وقيل هذا صفة لعيسى او بدل منه او خبرثان لذلك والحق هو الله ومعناه وكلمته الله الَّذِي فِيهِ اى في امره يَمْتَرُونَ (٣٤) اى يشكوّن ويتنازعون فقالت اليهود ساحر كذاب وقالت النصارى ابن الله او هو الله- ثم نفى عن نفسه الولد فقال.
ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ جىء بمن لتأكيد النفي سُبْحانَهُ مصدر أقيم مقام الفعل اى أسبحه سبحانا- فهو جملة معترضة للدلالة على تنزه ذاته عن اتخاذ الولد إِذا قَضى أَمْراً اى أراد ان يحدث شيئا فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٣٥) ومن ذلك احداث عيسى بلا اب ومن كان كذلك كان منزعا من مشابهة الخلق بريّا من الحاجة في اتخاذ الولد باحبال الإناث والتجزى بالعلوق- فالجملة الشرطية في مقام التعليل لنفى اتخاذ الولد- قرأ ابن عامر فيكون بالنصب على الجواب-.
وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ قرأ الكوفيون وابن عامر ويعقوب بكسر الالف على الاستيناف عطفا على انّى عبد الله- واهل الحجاز وابو عمرو بفتح الالف عطفا على الصلاة والزكوة يعنى وأوصاني بان الله ربى- او مبتدأ حذف خبره تقديره وثابت انّ الله ربّى وربّكم والجملة معطوفة على انّى عبد الله مقولة للقول- فيه اشارة الى استكمال القوّة النظريّة باعتقاد التوحيد وفي قوله فَاعْبُدُوهُ اشارة الى استكمال القوّة العمليّة بإتيان المأمورات والانتهاء عن المناهي والفاء للسبية- وفي قوله هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٣٦) تعليل لقوله فاعبدوه وتأكيد لما سبق يعنى الجمع بين الامرين هو الطريق المشهود له بالخير-.
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ يعنى اليهود والنصارى او فرق النصارى تحزّبوا اى تفرقوا ثلاث