كافرا والقيام على إتيان الأوامر وترك المناهي حظ الصالحين منهم وليس كل صالح صديقا بل المراد بكثرة التصديق قوته وشدته وذلك بالنبوة أصالة او وراثة اى بكمال متعابعة الأنبياء ظاهرا وباطنا والاستغراق في كمالات النبوة والتجليات الذاتية الصرفة الداعية بلا حجاب بالوارثة والتبعية الا ترى انه تعالى ذكر اربعة اصناف الذين أنعم الله عليهم فقال من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وبشر غيرهم من المؤمنين بمعيتهم فالصديقون على درجة من الشهداء والصالحين وقد ذكرنا ذلك في سورة النساء في تفسير قوله تعالى أولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فالصديقون هم الذين قال الله منهم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين وتفسيرها في سورة الواقعة واكبر الصديقين بعد الأنبياء اصحاب رسول الله ﷺ لا سيما الخواص منهم قال رضى الله عنه انا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي الا كاذب يعنى بعدي من حيث الرتبة دون الزمان وأكبرهم جميعا أبو بكر سماه رسول الله ﷺ صديقا وعليه انعقد الإجماع نَبِيًّا (٤١) من النبوة وهى ما ارتفع من الأرض وهو العالي في الرتبة بإرسال الله تعالى إياه او من النبا بمعنى الخبر يعنى المخبر من الله على اختلاف القرائتين كما مر.
إِذْ قالَ
بدل من ابراهيم وما بينهما اعتراض او متعلق بكان او صديقا نبيا لِأَبِيهِ
آزر وقد مر ذكره في سورة الانعام يا أَبَتِ
ذكر الابوة للاستعطاف ولذلك كردها لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ
المفعول للفعلين منسي غير منوى اى ما لا سمع له ولا بصر وجاز ان يكون تقديره مالا يسمع شيئا ولا يبصره فيعرف حالك ويسمع ذكرك ويرى خضوعك وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً
(٤٢) من الإغناء في جلب نفع او دفع ضر فشيئا منصوب على المصدرية او المعنى لا يدفع عنك شيئا من المضار فهو منصوب على المفعولية بيّن ابراهيم عليه السلام أباه ضلالته برفق وشفقة ودعاه الى الهدى واحتج عليه باوضح حجة وبرهان قاطع مع رعاية الأدب حيث لم يصح بضلالته بل طلب منه بيان ما يقتضى عبادة الأوثان وأشار الى انهن ادنى رتبة من ان يركن إليهن عاقل فان العاقل لا يفعل فعلا الا لغرض صحيح والعبادة الّتي هى غاية التعظيم لا يستحقه الا من له الاستغناء التام والانعام انعام القادر على الاثابة والإيلام فدرة تأته ليستطيع أحد مدافعته ولهو الخالق الرازق المحيي والمميت المقتدر المعاقب المثيب فاما من كان ممكنا مثله محتاجا فى الوجود وتوابعه الى غيره وان كان مميزا سميعا بصيرا مقتدرا على الانعام والإيلام بل وإن كان اشرف الخلائق كالنبيين والملئكة فان العقل السليم يستنكف عن عبادته معرضا عن عبادة خالقه وجاعله