الرواية لزم تأويلها والله اعلم وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ المراد به كثرة ما اولى كما يقال فلان يقصد كل أحد ويعلم كل شىء ومثله وأوتيت من كلّ شىء والضمير فى علّمنا وأوتينا له ولابيه عليهما السلام اوله ولاتباعه فان اتباعه يأخذون منه ما علمه الله وأعطاه اوله وحده تعظيما على عادة الملوك لمراعاة قواعد السياسة. وقال ابن عباس المراد كل شىء من امر الدنيا والاخرة وقال مقاتل يعنى النبوة وو الملك وتسخير الشياطين والرياح إِنَّ هذا العطاء لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ يعنى ليس هذا باستحقاق منّا او جزاء لاعمالنا بل تفضل من الله تعالى او المعنى زيادة ظاهرة على من عدانا. وهذا القول وارد على الشكر كقوله صلى الله عليه واله وسلم انا سيد ولد آدم ولا فخر آدم ومن دونه تحت لوائى يوم القيامة امتثالا لقوله تعالى وامّا بنعمة ربّك فحدّث قال البغوي روى ان سليمان على نبينا وعليه الصلاة والسلام ملك مشارق الأرض ومغاربها فملك سبع مائة سنة وستة أشهر جميع اهل الدنيا الجن والانس والطير والدوابّ والسباع واعطى مع ذلك العلم بمنطق كل شىء وفى زمنه صنعت الصنائع العجيبة.
وَحُشِرَ اى جمع لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فى مسير له فَهُمْ يُوزَعُونَ اى يكفون ويحبسون اى يحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا وفيه اشارة الى انهم مع كثرتهم لم يكونوا مبعدين. فى القاموس وزعته اى كففته ومنه الوزعة جمع وازع وهم المانعون من المحارم والكلب والزاجر والتوزيع القسمة والتفريق كالايزاع والتوزع وقال مقاتل يوزعون اى يساقون وقال السدىّ يوقضون قال محمد بن كعب كان معسكر سليمان عليه السلام مائة فرسخ خمسة وعشرون منها للجن وخمسة وعشرون منها للانس وخمسة وعشرون منها للطير خمسة وعشرون منها للوحش وكان له الف بيت من قوارير على الخشب فيها ثلاث مائة منكوحة وسبع مائة سرية يأمر الريح العاصف فترفعه ويأمر الرخاء فتسيره فاوحى الله اليه وهو يسير بين السماء والأرض انى قد زدتّ فى ملكك انه لا يتكلم أحد من الخلائق الا جاءت به الريح وأخبرتك.
حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ وقف الكسائي بالياء فقال وادي والباقون بغير ياء النَّمْلِ تعدية الإتيان بعلى اما لان إتيانهم كان من عال واما لان المراد قطعه من قولهم اتى على الشيء إذا أنفده وبلغ آخره روى عن وهب بن منبه عن كعب كان سليمان إذا ركب حمل اهله وخدمه وحشمه وقد أخذ مطابخ ومخابز فيها تنانير الحديد وقدور عظام تسع فى قدر منها عشر جزائر وقد اتخذ ميادين الدواب له امامه فيطبخ الطباخون ويخبز الخيارون ويجرى الدواب من بين يديه بين السماء والأرض والريح تهوى فسار من إصطخر الى اليمن فسلك مدينة رسول الله ﷺ فقال هذه دار هجرة