باياته والتنبيه على حججه فالمستثنى مفرغ او المعنى الا بالتي هى احسن مما يفعله الكافرون يعنى معارضة الخشونة باللين والغضب بالكظم والمشاغبة بالنصح فالمستثنى منقطع لان النصح ليس بمجادلة إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ بنبذ العهد او عدم قبول الجزية فقاتلوهم حتى يسلموا او يعطوا الجزية عن يدوّهم صاغرون كذا قال سعيد بن جبير ان المستثنى اهل الحرب والباقي بعد الثنيا اهل الذمة والظاهر انه كان الحكم بحسن المجادلة قبل الأمر بالقتال لان الاية مكية فالمراد حينئذ بالذين ظلموا المفرطون فى الاعتداء والعناد والقائلون بإثبات الولد وبان يد الله مغلولة وبانّ الله فقير ونحن اغنياء فحينئذ جاز مجادلتهم بالعنف وعلى هذا قال قتادة ومقاتل هذه الاية منسوخة باية السيف وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ بيان لحسن المجادلة. ويحتمل ان يكون المعنى ولا تجادلوا اهل الكتاب إذا أخبروا مما ذكر فى كتبهم يعنى لا تكذبوهم الّا الّذين ظلموا منهم يعنى الا من اخبر بشئ معلوم قطعا انه كاذب فيه كقولهم بتأبيد دين موسى او قتل عيسى او كون عيسى ابن الله ونحو ذلك فحينئذ يجب تكذيبه والمباهلة عليه وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ اى مطيعون له خاصة وفيه تعريض باتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله عن ابى هريرة رضى الله عنه قال كان اهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لاهل الإسلام فقال رسول الله ﷺ لا تصدقوا اهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنّا بالله وما انزل إلينا وما انزل إليكم الاية- رواه البخاري وعن ابى نملة الأنصاري انه بينما هو جالس عند رسول الله ﷺ جاءه رجل من اليهود ومر بجنازة فقال يا محمد هل يتكلم هذا الميت فقال رسول الله ﷺ لا اعلم فقال اليهودي انها تتكلم فقال رسول الله ﷺ ما حدثكم اهل الكتب لا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا امنّا بالله وكتبه ورسله فان كان باطلا لم تصدقوهم وان كان حقّا لم تكذبوهم.
وَكَذلِكَ اى كما أنزلنا على من قبلك أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ وحيا مصدقا لسائر الكتب الالهية وهو تحقيق لقوله فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ به يعنى مومنى اهل الكتب عبد الله بن سلام وأمثاله او المعنى الذين آتَيْناهُمُ الْكِتابَ كانوا يؤمنون به قبل مبعث