واخرج الشيخان عن عائشة وعن ابى هريرة عن النبي ﷺ قال سددوا وقاربوا وابشروا فانه لا يدخل الجنة أحدا عمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا انا الا ان يتغمدنى الله بمغفرته ورحمته- وعند مسلم عن جابر نحوه وقد ورد هذا ايضا من حديث ابى سعيد أخرجه احمد ومن حديث ابن ابى موسى وشريك بن طارق أخرجهما البزار ومن حديث شريك بن طريف واسامة بن شريك واسد بن كرز أخرجها الطبراني.
وهاهنا إشكالان أحدهما انه لا يبقى حينئذ فائدة فى الطاعة وترك المعصية فان الله تعالى لو لم يتفضل عذّب اهل الطاعة ولو تفضل غفر اهل المعصية وادخل الجنة وثانيهما انه معارض لقوله تعالى ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فانه يدل على ان دخول الجنة مسبب بالأعمال- والجواب عن الاول ان الطاعة يقتضى محبة الله عبده حيث قال الله تعالى إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وقال رسول الله ﷺ حكاية عن الله سبحانه ما يزال عبدى يتقرب الىّ بالنوافل حتى أحببته رواه البخاري عن ابى هريرة فى حديث طويل والمحبة يقتضى التفضل والتفضل سبب لجلب كل خير ودفع كل ضرر وعن الثاني بان للجنة منازل تنال فيها بالأعمال فان درجات الجنة متفاوتة بحسب تفاوت الأعمال واما اصل دخولها والخلود فيها فبفضل الله ورحمته يؤيده ما أخرجه هناد فى الزهد عن ابن مسعود قال تجوزون الصراط بعفو الله وتدخلون الجنة برحمة الله وتقسمون المنازل بأعمالكم واخرج ابو نعيم عن عون بن عبد الله مثله والله اعلم..
وَمِنْ آياتِهِ دلائل قدرته أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ من الشمال الى الجنوب وبالعكس ومن المشرق الى المغرب وبالعكس على حسب إرادته من غير محرك كما يشهد به الحس قرا حمزة «١» والكسائي الرّيح على ارادة الجنس مُبَشِّراتٍ بالمطر حال من الرياح وَلِيُذِيقَكُمْ المذوقات من الحبوب والثمار وغيرها معطوف على معنى مبشرات كانّه قال ليبشركم وليذيقكم او على محذوف تقديره يرسل

(١) هذا وهم لانهم جمعوا على قراءته بالجمع والمختلف فيه الرّيح فتثير والذي وقع بعد هذا فقرأه بالتوحيد ابن كثير وحمزة والكسائي وخلف- ابو محمد عفاء الله عنه-


الصفحة التالية
Icon