ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ عطف على خلق وقد بسطنا الكلام فى الاستواء على العرش فى سورة يونس وذكرنا فى سورة الأعراف ايضا ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ يعنى إذا جاوزتم مرضاته لا ينصركم فى مواطن النصر والشفيع متجوز به للناصر فاذا أخذ لكم لم يبق لكم ولى ولا ناصر استيناف او حال من فاعل استوى أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٤) بمواعظ الله الهمزة للانكار والفاء للعطف على محذوف تقديره الا تتفكرون فلا تتذكرون.
يُدَبِّرُ الْأَمْرَ استئناف او حال من فاعل استوى او خبر بعد خبر لله او خبر أول والموصول مع صلته صفة لله وما لكم حال يعنى يدبر امر الدنيا مِنَ السَّماءِ اى بأسباب سماوية نازلة اثارها إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ اى يصعد إِلَيْهِ ويثبت فى علمه موجودا او المعنى يدبر الأمر اى يحكم بالأمر وينزل الوحى مع جبرئيل او ينزل القضاء والقدر مع الملك المؤكل به من السماء الى الأرض ثم يعرج اى يصعد جبرئيل او غيره من الملائكة اليه اى الى الله يعنى الى حيث يرضاه فِي يَوْمٍ من ايام الدنيا والمراد باليوم هاهنا مطلق الوقت لا بياض النهار لان نزول الملائكة وصعودها غير مختص بالنهار كانَ مِقْدارُهُ حال بتقدير قد اى وقد كان مقدار عروجه ونزوله أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥) يعنى لو سار أحد من بنى آدم لم يقطعه الا فى الف سنة لكن الله بكمال قدرته جعل نزوله وعروجه فى طرفة عين- قال البغوي هذا وصف عروج الملائكة ونزولها من السماء الى الأرض واما قوله تعالى تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مدة المسافة من الأرض الى سدرة المنتهى التي هى مقام جبرئيل يقول يسير جبرئيل والملائكة الذين معه من اهل مقامه مسيرة خمسين الف سنة فى يوم من ايام الدنيا اى برهة من الزمان هذا كله معنى قول مجاهد والضحاك- قلت وجاز ان يكون المراد فى الآيتين المسافة التي بين الأرض والسدرة المنتهى على اختلاف سير السائرين فانه ورد فى حديث العباس بن عبد المطلب عند الترمذي بعد ما بين السماء والأرض اما واحدة واما اثنتان او ثلاث وسبعون سنة وفى حديث ابى هريرة عند احمد والترمذي مسافة ما بينهما وبين كل سمائين خمس مائة سنة ولا وجه لتطبيقهما الا باعتبار اختلاف سير السائرين والله اعلم.
وقيل معنى الاية يُدَبِّرُ الْأَمْرَ اى امر الدنيا مِنَ السَّماءِ اى بأسباب سماوية