الله عليه وسلم للامر بالثبات عليه ليكون مانعا عمّا نهى عنه بقوله وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ من اهل مكة يعنى أبا سفيان وعكرمة وأبا الأعور وَالْمُنافِقِينَ من اهل المدينة عبد الله ابن ابى وعبد الله بن سعد وطعمة بن أبيرق إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً بخلقه ومصالحهم ومفاسدهم حَكِيماً (١) لا يحكم الا على وفق الحكمة.
وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ من التوحيد والإخلاص لله هذه الجملة بمنزلة التأكيد للتقوى وعدم إطاعة الكفار إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٢) قرأ ابو عمرو بالياء فى يعملون خبيرا... يعملون بصيرا للغيبة والضمير عائد للكافرين والمنافقين يعنى ان الله خبير بمكائدهم يجازيهم عليها وقرأ الباقون بالتاء خطابا للنبى ﷺ وأصحابه فان الأمر بالتقوى وان كان بصيغة الواحد لكن المراد هو وأمته وعلى هذا الجملة تأكيد لامتثال الأمر طمعا فى حسن الجزاء وخوفا عن قبحه.
وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ اى ثق به وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا (٣) موكولا اليه الأمور كلها تذييل وقال الزجاج عطف على توكل لفظه خبر ومعناه امر اى اكتف بالله وكيلا تميز من النسبة اى اكتف بالله وكيلا يعنى اكتف بوكالته وفى صيغة الأمر اشعار على التعليل للامر بالتوكل والاكتفاء يعنى من كان الله مع كمال علمه وقدرته ورحمته موكولا اليه أموره لا يحتاج الى توكيل غيره فتوكيل أموره الى غيره سفه والله اعلم.
ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ من زائدة وهو فى محل النصب على انه مفعول أول لجعل ولرجل مفعوله الثاني فِي جَوْفِهِ ظرف لغو او صفة لقلبين اعلم ان القلب معدن للروح الحيواني ومنبع للقوى بأسرها وذلك يمنع التعدد إذ لو كان لرجل قلبان فاما ان يفعل بكل واحد منهما شيئا واحدا من افعال القلوب فالثانى فضلة لا حاجة اليه واما ان يفعل بكل واحد غير ما يفعل به الاخر وحينئذ يفضى الى التناقض ذكر البغوي وكذا اخرج ابن ابى حاتم عن السدىّ وابن نجيح عن مجاهد انها نزلت فى ابى معمر جميل بن معمر الفهري كان رجلا لبيبا حافظا لما يسمع فقالت قريش ما حفظ ابو معمر هذه الا وله قلبان وكان يقول ان لى قلبين اعقل بكل واحد منهما أفضل مما عقل محمد- فلما انهزم قريش يوم بدر وانهزم فيهم ابو معمر لقيه ابو سفيان واحدي نعليه فى يده والاخرى برجله فقال له يا أبا معمر ما حال الناس قال انهزموا قال مالك احدى نعليك بيدك والاخرى