بان يجعل الشمس مقيمة على وضع واحد وجملة ولو شاء اما حال من ربك او معترضه ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ اى على الظل دَلِيلًا يعنى لو لم تكن الشمس لما عرف الظل ظلا ولولا النور لما عرف الظلمة ظلمة فان الأشياء تعرف بأضدادها وايضا لا يوجد الظل ولا يتفاوت الا بسبب حركات الشمس وفيه التفات من الغيبة الى التكلم.
ثُمَّ قَبَضْناهُ اى أزلناه بطلوع الشمس وارتفاعها ووقوع شعاعها موقع الظل لمّا عبر احداثه بالمد عبر عن إزالته بالقبض إِلَيْنا اى الى حيث ما أردنا وقيل القبض الى نفسه كناية عن الكف قَبْضاً يَسِيراً سهلا غير عسيرا وقليلا قليلا حيثما ترتفع الشمس تنقص الظل وان كان المراد بالظل ظلمة الليل فقبضه اليسير ازالة الظلمة قليلا قليلا حين طلوع الفجر تقل الظلمة انا فانا حتى تسفر جدّا ثم إذا طلعت الشمس تزول الظلمة عن مواضع تقع فيها شعاع الشمس وتقل الظلمة عن مواضع تقع فيها أنوارها مع الحجب على حسب تفاوت الحجب- وثمّ فى الموضعين لتفاضل اوقات ظهورها شبّه تباعد ما بينهما فى الفضل بتباعد ما بين الحوادث فى الوقت. ولى هاهنا تأويل اخر وهو ان يراد بالظلّ عالم الإمكان فانه ظلّ لمرتبة الوجوب موجود بوجود ظلّى فى خارج ظلّى ويراد بالشمس مراتب صفات الله سبحانه وأسمائه- والمعنى الم تر الى صنع ربّك كيف أوجد عالم الإمكان ومدّ الوجود المنبسط على هياكل الماهيات الممكنة الّذى هو ظل للوجود الحق ولو شاء لجعله ساكنا مستقرّا على حالة واحدة ولكن لم يشأ ذلك بل جعله محلا للحوادث مستعدا للتغير والفناء حتى يتضح إمكانه وافتقاره انى ماهية متاصلة الوجود ذات الوجوب والبقاء قال الله تعالى ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلا وذلك حين يتجلّى على الصوفي اسماء الله تعالى وصفاته وشاهد ببصيرة القلب لوجود الحق فحينئذ ظهر له كون عالم الإمكان ظلّا من ظلاله وكان يزعم قبل تلك التجلّيات والمشاهدات ان عالم الإمكان هو الموجود على الحقيقة دون غيره ثم يعنى بعد تلك التجليات والمشاهدات قبضناه إلينا يعنى اجتبيناه وقربناه قربا غير متكيف إلينا اى الى مرتبة الصفات والذات قبضا يسيرا- قال رسول الله ﷺ حكاية عن ربه ﷺ لا يزال عبدى يتقرب الىّ بالنوافل حتى أحببته فاذا أحببته كنت سمعه الّذى يسمع به الحديث وقالت الصوفية من استوى يوماه فهو مغبون..
وَهُوَ يعنى ربك الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً شبه ظلمة الليل باللباس فى ستره وَالنَّوْمَ سُباتاً اى راحه للابد ان يقطع المشاغل واصل السبت القطع او موتا كقوله تعالى


الصفحة التالية
Icon