المستثنى فى حكم المسكوت عنه والاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا إذ لو كان كذلك لما جاز نسخ المنطوق بالمسكوت وقوله عملا صالحا منصوب على المفعولية او المصدرية فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ فذهب جماعة الى ان المراد ان يمحو الله سوابق معاصيهم بالتوبة وثبت مكانها لواحق طاعتهم او يبدل الله فى الدنيا ملكة المعصية فى النفس بملكة الطاعة ويوفقه لاضداد ما سلف منهم من المعاصي وهذا معنى ما قال ابن عباس والحسن وسعيد بن جبير ومجاهد والضحاك والسدى يبدل الله بقبائح ما عملوا فى الشرك محاسن الأعمال فى الإسلام فيبدل الله لهم بالشرك التوحيد وبقتل المؤمنين قتل المشركين المحاربين وبالزنى عفة واحصانا وذهب جماعة الى ان المراد ان الله تعالى يبدل سيئاتهم التي عملوها فى الإسلام حسنات يوم القيامة تفضلا وهو قول سعيد بن المسيب ومكحول وعائشة وابى هريرة وسلمان رضى الله عنهم أجمعين ويؤيده حديث ابى ذر قال قال رسول الله ﷺ يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال اعرضوا صغائر ذنوبه فتعرض عليه صغائرها وتخبأ كبائرها فيقال أعملت كذا وكذا وهو يقرّ ليس ينكر وهو مشفق من الكبائر فيقال أعطوه مكان كل سيئة حسنة فيقول ان لى ذنوبا لا أراها هاهنا فلقد رايت رسول الله ضحك حتى بدت نواجذه رواه مسلم واخرج ابن ابى حاتم عن سلمان قال يعطى رجل يوم القيامة صحيفة فيقرا أعلاها فاذا يكاد ليسوء ظنه نظر فى أسفلها فاذا حسناته ثم ينظر فى أعلاها فاذا هى قد بدّلت حسنات واخرج ايضا عن ابى هريرة رضى الله عنه قال ليأتينّ الله بناس يوم القيامة ودوا انهم أكثروا من السيئات قيل من هم قال الذين يبدل الله سيأتهم حسنات فان قيل كيف يتصور تبديل السيئة على هذا المعنى بالحسنة وكيف يثاب على السيئة فان السيئة امر مكروه غير مرضى الله تعالى فكيف يتصور كونه مرضيّا له تعالى فان الله لا يرضى لعباده الكفر والعصيان قلت توجيه ذلك عندى بوجهين أحدهما ان عباد الله الصالحين كلما صدر عنهم ما كتب الله عليهم من العصيان ندموا غاية الندم واستحقروا أنفسهم غاية الاستحقار والتجئوا الى الله تعالى كمال الالتجاء وخافوا عذاب الله مع رجاء المغفرة فاستغفروه حتى صاروا مهبطا لكمال الرحمة بحيث لو لم يذنبوا لم يصيروا بهذه المثابة فعلى هذا صار عصيانهم الذي كان سببا للعقاب سببا للثواب ولو بتوسط الندم والتوبة من هاهنا قال رسول الله ﷺ والّذى نفسى بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء يقوم يذنبون فيستغفرون الله ويغفر لهم