والصحة انما يحصل باستحفاظ اجتماعها والاعتدال المحفوظ عليها قهرا بقدرة العزيز الحكيم.
وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ فى الاخرة.
وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ذكر ذلك «١» هضما لنفسه او تعليما لامته ان يجتنبوا المعاصي ويكونوا على حذر منها ويطلبوا المغفرة لما صدر عنهم او استغفارا لما فات منه العزيمة وعمل بالرخصة شفقة على أمته كيلا يضيق عليهم نطاق الأمر وحمل الخطيئة على كلماته الثلاث قوله انّى سقيم وقوله بل فعله كبيرهم وقوله لسارة هذه أختي كما قال به مجاهد وقوله للكوكب هذا ربى كما قال الحسن زائدا على الثلاث ضعيف لانها معاريض وليست بخطايا والله اعلم روى البغوي عن مسروق عن عائشة انها قالت يا رسول الله ابن جدعان فى الجاهلية كان يصل الرحم ويطعم المساكين فهل كان نافعه قال لا ينفعه ان لم يقل يوما ربّ اغفر لى خطيئتى يوم الدّين- وهذا كله احتجاج من ابراهيم على قومه واشعار بانه من لا يستطيع ان يفعل هذا لا يصلح للالوهية.
رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً اى كمالا فى العلم والعمل بحيث يستعد خلافة الحق ورياسة الخلق وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ووفقني الكمال فى العمل حتى انتظم فى سلك الصالحين الّذين لا يشوبهم فساد أصلا وهم الأنبياء المعصومون.
وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ يعنى ثناء حسنا وذكرا جميلا مطابقا للواقع وقبولا

(١) قال الامام فخر الدين الرازي فى التفسير الكبير هذا ضعيف لانه ان كان صادقا فى هذا التواضع لزم الاشكال يعنى كون النبي غير معصوم وان كان كاذيا يرجع الجواب الى الحاق المعصية به لاجل تنزهه عن المعصية وايضا لا يجوز ان يكذب نعرض تعليم الامة- قلت قول الرازي هذا ضعيف لانه انما يلزم الكذب والمعصية إذا يرى نفسه بريّا من الذّنب ويقول بلسانه انى مذنب خاطئى وليس كذلك بل الأمر ان الصوفي إذا تم فقره وفناؤه يرى وجوده وكمالاته مستعارة من الله ويرى نفسه عدما محضا منشا للشر حيث قال الله تعالى ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيّئة فمن نفسك فحينئذ إذا قال انى مذنب لا يسمى كاذبا سهى رسول الله ﷺ فسلّم على رأس الركعتين من الظهر فقال له ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسمت يا رسول الله قال كل ذلك لم يكن قال ذو اليدين بعض ذلك قد كان فحاشا ان يكون قوله ﷺ كل ذلك لم يكن كذبا او ذنبا لما كان على نسيان فكذا قال المعصوم ربّ اغفر لى خطيئتى بل اولى لانه إنشاء لا يحتمل الكذب ومعنى قولنا هضما لنفسه اى لاجل انهضام نفسه وحال كون نفسه منهضما منكسرا عند شعسعان جلال ربه لا انه يقول ذلك تواضعا مع ما يرى نفسه غير مذنب فيكون كذبا وسنذكر بعض هذا المقال فى سورة محمد ﷺ فى تفسير قوله تعالى واستغفر لذنبك ١٢ منه برد الله مضجعه-


الصفحة التالية
Icon