كون النبي ﷺ شاعرا ويقرره قوله تعالى
أَلَمْ تَرَ ايها المخاطب أَنَّهُمْ اى الشعراء فِي كُلِّ وادٍ من اودية الكلام كالمدح والذم والافتخار وبيان الحب والبغض وغيره الك- والوادي نوع من انواع الكلام يقال انا فى واد وأنت فى واد اخر يَهِيمُونَ جملة الم تر تعليل لما سبق والهائم الذاهب على وجهه بحيث لا يقف على حد يعنى يبالغون فى الكلام كل المبالغة لا يبالون الكذب واكثر مقدماتهم خيالية لا حقيقة لها قال قتادة يمدحون بالباطل ويهجون بالباطل وقيل فى كل واد يهيمون اى على كل حرف من حروف الهجاء يصوغون القوافي.
وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ اى يكذبون كثيرا فى أشعارهم ولمّا كان اعجاز القران من جهة النظم والمعنى وكانوا يقدحون فى المعنى بانه ممّا تنزّلت به الشّياطين وفى اللفظ بانه من جنس الشعر رد الله سبحانه قولهم ببيان المباينة والمضادة بين حال رسول الله ﷺ وحال الكهنة والشعراء عن ابى هريرة رضى الله عنه عن النبي ﷺ قال لان يمتلى جوف قيحا حتى يفسده خيرا له من ان يمتلى شعرا رواه البخاري ومسلم واحمد وابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وروى عن ابى سعيد الخدري قال بينا نحن نسير مع رسول الله ﷺ بالعرج «١» إذ عرض شاعر ينشد فقال رسول الله ﷺ خذوا الشيطان او أمسكوا الشيطان لان يمتلى جوف رجل قيحا خير له من ان يمتلى شعرا عن ابن مسعود قال قال رسول الله ﷺ هلك المتنطعون «٢» قالها ثلاثا. رواه مسلم يعنى الغالون فى الكلام وعن ابى ثعلبة الخشتى ان رسول الله ﷺ قال ان أحبكم الى وأقربكم منى يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا وان أبغضكم الىّ وأبعدكم منى مساويكم أخلاقا الثرثارون المتشدقون المتفيهقون. رواه البيهقي فى شعب الايمان قال فى النهاية الثرثارون الذين يكثرون الكلام تكلفا وخروجا عن الحق والمتشدقون المتوسعون فى الكلام من غير احتياط واحتراز قلت وهذا صفة الشعراء وروى الترمذي عن جابر نحوه وفى رواية قالوا يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتقيهقون قال المتكبرون وعن انس قال قال رسول الله ﷺ مررت ليلاة اسرى بي بقوم يقرض شفاههم بمقاريض من نار فقلت يا جبرئيل من هؤلاء قال خطباء أمتك الّذى يقولون ما لا يفعلون رواه الترمذي

(١) بالعرج قال فى مجمع البحار العرج بفتح فسكون جبل بطريق مكة وهو أول تهامة ١٢ الفقير الدهلوي
(٢) المتنطعون قال فى مجمع البحار هم المتعمقون الغالون فى الكلام المتكلمون بأقصى حلوقهم من النطع وهو الغار الأعلى من الفم ثم استعمل فى كل تعمق قولا وفعلا ١٢ الفقير دهلوى


الصفحة التالية
Icon