الى عيدهم فدخل ابراهيم على الأصنام فكسرها كما قال الله تعالى.
فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ اى دخل عليها خفية من روغه الثعلب وأصله الميل بحيلة قال البغوي لا يقال راغ حتى يكون صاحبه مخفيا لذهابه ومجيئه فَقالَ ابراهيم استهزاء أَلا تَأْكُلُونَ (٩١) الطعام الذي بين ايديكم.
ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ (٩٢) بجوابى حال والعامل فيه معنى الفعل فى ما لكم اى ما تصنعون حال كونكم غير ناطقين.
فَراغَ عَلَيْهِمْ اى مال عليهم مستخفيّا والتعدية بعلى للاستعلاء ولان المراد الميل المكروه ضَرْباً منصوب على المصدرية لان فى راغ معنى ضرب او بفعل محذوف اى فضرب ضربا بِالْيَمِينِ (٩٣) اى بيد اليمنى لانه أقوى من اليسار وقيل أراد به القسم الذي سبق منه وهو قوله تالله لاكيدنّ أصنامكم بعد ان تولّوا مدبرين-.
فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يعنى اقبل قوم ابراهيم اليه بعد ما رجعوا وراوا أصنامهم مكسورة وسالوا عن كاسرها بقولهم من فعل هذا بآلهتنا انّه لمن الظّالمين وظنوا انه هو حيث قالوا سمعنا فتى يّذكرهم يقال له ابراهيم يَزِفُّونَ (٩٤) قرأ الأعمش وحمزة بضم الياء والباقون بفتحها قيل هما لغتان والمعنى يسرعون وقيل معنى يزفّون بالضم يحملون على الزفيف يعنى كان يحمل بعضهم بعضا على الاسراع.
قالَ ابراهيم أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ (٩٥) اى ما تنحتونه عن الأصنام استفهام للانكار والتوبيخ.
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ (٩٦) الجملة حال من فاعل تعبدون والتقيد بالحال انكار بعد الإنكار والظاهر ان ما مصدرية يعنى والحال ان الله خلقكم وخلق أعمالكم فما لكم تتركون عبادة الخالق وتؤثرون عبادة المحتاج إليكم فهذه الاية حجة لنا على ان افعال العباد مخلوقة لله تعالى- وقالت المعتزلة ما موصولة والمعنى خلقكم وما تعملونه يعنى الأصنام فان جوهرها بخلقه تعالى وشكلها وان كان بفعلهم (ولذلك جعل من أعمالهم) فباقداره إياهم عليه وخلقه ما يتوقف عليه من الدواعي والعدد او مصدرية والمعنى عملكم بمعنى معمولكم ليطابق ما تنحتون- قلنا الوجه هو الاول لان الأخيرين يقتضى الحذف والمجاز ولا شك ان معمولهم ليس الا الشكل دون جوهر الأصنام وعلى التأويلين الأخيرين ايضا يثبت ان الشكل مخلوق لله تعالى ومعمول اى مكسوب للعباد وهو المقصود.