فى فوره غدا حتى تعلم ان أحدا لا يملك له شيئا دونى فلمّا قال لهم هذا رجعوا وقد ملئوا منه رعبا- فلما صاروا الى الملك اخبروه بان الياس قد انحط عليهم وهو رجل نحيف طوال قد نحل وتمعط شعره واقشعر جلده عليه جبة من شعر وعباءة قد خللها على صدره «نحل جسمه نحولا ذهب من مرض او سفر قاموس منه ره» بخلال فاستوقفنا فلمّا صار معنا قذف له فى قلوبنا الهيبة والرعب وانقطعت ألسنتنا ونحن فى هذا العدد الكثير فلم نقدر ان نكلمه ونراجعه حتى رجعنا إليك وقصوا عليه كلام الياس- فقال أجب لاننتفع بالحياة ما كان الياس حيّا ولا يطاق الا بالمكر والخديعة فقيض له خمسين رجلا من قومه ذوى القوة والبأس وعهد إليهم عهده وأمرهم بالاحتيال له والاغتيال «القتل بالخديعة- منه ره» له وان يطمعوه فى انهم قد أمنوا به هم ومن وراء هم ليستنيم إليهم و «اى يسكن وإليهم يطمئن قاموس منه ره» يغتر بهم فيمكنهم من نفسه فيأتون به ملكهم فانطلقوا حتى ارتفعوا ذلك الجبل الذي يسكن فيه الياس ثم تفرقوا فيه ينادونه بأعلى أصواتهم ويقولون يا نبى الله ابرز إلينا وامتن علينا بنفسك فانا قد أمنا بك وصدقناك وملكنا أجب وجميع الناس وأنت أمن على نفسك وجميع بنى إسرائيل يقرءون عليك السلام ويقولون قد بلغتنا رسالتك وعرفنا ما قلت فامنّا بك وأجبناك الى ما دعوتنا فهلم إلينا فاقم بين أظهرنا واحكم فينا فننقاد لما امرتنا وننتهى عما نهيتنا وليس يسعك ان تتخلف عنا مع أيماننا بك وطاعتنا فارجع إلينا- وكل هذا منهم مما كرة وخديعة فلمّا سمع الياس مقالتهم وقع فى قلبه وطمع فى ايمانهم وخاف الله ان هو لم
يظهر لهم فالهمه الله التوقف والدعاء فقال اللهم ان كانوا صادقين فيما يقولون فأذن لى فى البروز إليهم وان كانوا كاذبين فاكفنيهم وارمهم بنار تحرقهم فما استتم قوله حتى حصبوا بالنار «اى رموا بها- منه ره» من فوقهم فاحترقوا أجمعين قال فبلغ أجب وقومه الخبر فلم يرتدع من همه بالسوء «اى لم يكف ولم يرد- منه ره» واحتال ثانيا فى امر الياس وقيض اليه فئة اخرى مثل عددهم أولئك أقوى منهم وأمكن فى الحيلة والرأى فاقبلوا حتى توقلوا «اى صعدوا» قلل الجبال متفرقين وجعلوا ينادون يا نبى الله انّا نعوذ بالله بك من غضب الله وسطواته «السطوة البطش والقهر قاموس منه ره» انا لسنا كالذين أتوك قبلنا وان أولئك فرقة نافقوا