شئت ترسلنى اليه بما تحبّ فابلّغه رسالتك وان شئت دعوت ربّك ان يجعل لنا من أمرنا خرجا ومخرجا- فاوحى الله الى الياس ان كل شىء جاءك منهم مكر وخديعة وكذب ليظفروا بك وانّ أجب الملك ان أخبرته رسله انك لقد لفيت لهذا الرجل ولم يأت بك اتهمه وعرف انه قد واهن فى أمرك فلم يؤمن ان يقتله فانطلق معه وانى ساشغل عنكما أجب فاضاعف على ابنه البلاء حتى لا يكون له هم غيره ثم أميته على شر حال فاذا مات هو فارجع منه قال فانطلق معهم حتى قدموا على أجب فلما قدموا شدّد الله الوجع على ابنه وأخذ الموت بكظمه «الكظم محركة الحلق او الضم او مخرج النفس- قاموس منه ره» فشغل الله بذلك أجب وأصحابه عن الياس فرجع الياس سالما الى مكانه- فلمّا مات ابن أجب وفرغوا من امره وقلّ جزعه انتبه لالياس وسال عنه الكاتب الذي جاء به فقال ليس لى به شغلنى عنه موت ابنك والجزع عليه ولم أكن أحسبك الا وقد استوثقت منه فاضرب عنه أجب وتركه لما فيه من الحزن على ابنه.
فلمّا طال الأمر على الياس ومد الكون فى الجبال واشتاق الى الناس نزل من الجبل وانطلق حتى نزل بامراة من بنى إسرائيل وهى أم يونس بن متى ذى النون استخفى عندها ستة أشهر ويونس بن متى يومئذ مولود مرضع فكانت أم يونس تخدمه بنفسها وتواسيه بذات يدها «اى تخدمه بما لها- منه ره» - ثم ان الياس سئم ضيق البيوت بعد تعوده فسحة الجبال فاحب اللحوق بالجبل فخرج وعاد الى مكانه فجزعت أم يونس لفراقه وأوحشها فقده ثم لم تلبث الا يسيرا حتى مات ابنها يونس حين فطمته فعظمت مصيبتها فخرجت فى طلب الياس ولم تزل ترقى الجبال وتطوف فيها حتى عثرت عليه ووجدته وقالت له انى قد فجعت بعدك بموت ابني فعظمت فيه مصيبتى واشتد لفقده بلائي وليس لى ولد غيره فارحمنى وادع الله جلّ جلاله ليحيى لى ابني وانى تركته مسبّحى لم ادفنه قد أخفيت مكانه- فقال لها الياس ليس هذا مما أمرت به وانّما انا عبد مأمورا عمل بما يأمرنى ربى فجزعت المرأة وتضرعت واعطف الله قلب الياس إليها فقال لها متى مات ابنك قالت مند سبعة ايام فانطلق الياس معها وسار سبعة ايام اخرى حتى انتهى الى منزلها فوجد ابنها ميتا له اربعة عشر يوما