لان المقصود نفى مساواته للمحسن فيما له من الثواب والكرامة- والعاطف الثاني عطف الموصول مع ما عطف عليه على الأعمى والبصير لتغائر الوصفين فى المقصود او الدلالة بالصراحة والتمثيل قَلِيلًا ما تَتَذَكَّرُونَ (٥٨) اى تذكرا قليلا او زمانا قليلا تتذكرون قرأ الكوفيون بالتاء الفوقانية على تغليب المخاطب او الالتفات او امر الرسول بالمخاطبة والباقون بالتحتانية لان أول الآيات وآخرها خبر عن قوم غيب والضمير للناس او الكفار.
إِنَّ السَّاعَةَ اى القيامة لَآتِيَةٌ حتى يظهر تفاوت المحسن والمسيء لا رَيْبَ فِيها اى فى إتيانها بناء على استحالة خلف ما اخبر الله به وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (٥٩) بها ولا يصدقون وعد الله لغفلتهم وشقاوتهم وقصور نظرهم على المحسوسات-.
وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي قرأ ابن كثير بفتح الياء والباقون بإسكانها قيل معناه اعبدوني دون غيرى ولمّا عبر عن العبادة بالدعاء قال موضع اثيبكم أَسْتَجِبْ لَكُمْ والقرينة على ان المراد بالدعاء العبادة وبالاستجابة الاثابة قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (٦٠) اى ذليلين قرأ ابن كثير وابو جعفر وابو بكر «ورويس- ابو محمد بخلاف عنه ابو محمد» سيدخلون بضم الياء وفتح الخاء والباقون بفتح الياء وضم الخاء والظاهر ان المراد بالدعاء والعبادة كليهما السؤال فان سوال كل ما يحتاج المرء اليه وعدم التوجه الى غيره تعالى فى شىء من الأمور كمال العبودية والافتقار والاعتراف بصمديته تعالى عن انس قال قال رسول الله ﷺ يسئل أحدكم ربه حاجاته كلها حتى يسئل شسع نعله إذا انقطع- رواه الترمذي وزاد فى رواية عن ثابت البناني مرسلا حتى يسئل الملح وحتى يسئل شسعه إذا انقطع- عن النعمان بن بشير قال رسول الله ﷺ ان الدعاء هو العبادة ثم قرأ ادعوني استجب لكم انّ الّذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنّم داخرين- رواه احمد وابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة فى مسانيدهم وقال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه ابن ابى شيبة فى المصنف والحاكم فى المستدرك فى صحيحه وابن حران فى صحيحه عنه