والمعنى إذا بشر أحد بالوصف الذي جعل للرحمان وصفا اى كونه اما أنثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا شديد السواد من غاية الكآبة وَهُوَ كَظِيمٌ (١٧) مملو قلبه من الكرب الجملة الشرطية بتقدير المبتدا حال من ضميرهم فى المقدر تقديره وقل لهم أم اتّخذ ممّا يخلق بنات وأصفكم بالبنين وهم إذا بشّر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسودّا وّ هو كظيم.
أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ قرأ حفص وحمزة والكسائي «خلف- ابو» بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين اى يربّى والباقون بفتح الياء وسكون النون وتخفيف الشين اى ينبت ويكبر فى الحلية يعنى النساء فان حسنهن منحصر فى الصورة فيتزين بالحلية ليزددن حسنهن بخلاف الرجال فان حسنهم غالبا بالمعاني والأوصاف وذلك غير محتاج الى الحلية وفيه إشمام بان النشا فى الزينة من المعائب فعلى الرجال ان يجتنبوا من ذلك ويتزينون بلباس التقوى وَهُوَ فِي الْخِصامِ اى فى المحاجة باللسان وبالسنان غَيْرُ مُبِينٍ (١٨) اى غير مظهر حجتهن لنقصان عقلهن وضعف أبدانهن وقلوبهن قال قتادة ما يتكلم امراة تريد ان تتكلم بحجتها الا تكلمت بالحجة عليها من يّنشؤا منصوب معطوف على بنات والهمزة كررت لتأكيد الإنكار والتوبيخ والتعجيب والمغائرة انما هى لاختلاف الصفات والمعنى أم اتخذ من مخلوقاته بنات مبغوضات مكروهات موجبات لسواد الوجه ناشيات فى الحلية ضعيفات قلبا وقالبا وعقلا وجاز ان يكون مرفوعا مبتدا محذوف الخبر معطوف على مبتدا محذوف تقديره أمن كان شأنه ما ذكر ومن ينشّؤا فى الحلية ومن هو فى الخصام غير مبين ولد الله سبحانه-.
وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً قرأ نافع وابن كثير «وابن عامر وابو جعفر ويعقوب ابو محمد» عند بالنون ساكنة وفتح الدال على الظرف والباقون بالباء المفتوحة والالف وضم الدال على انه جمع عبد والجملة عطف على قوله وجعلوا له من عباده جزءا يعنى انهم وصفوا الله سبحانه بما لا يليق به تعالى من انه له ولد من خلقه وذلك تحقير لشأنه تعالى ووصفوا الملائكة الذين هم خيار عباد الله ومقربوه قربا غير متكيف بكونهم إناثا وذلك تحقير لشانهم