من أحب دنياه أضر بآخرته ومن أحب آخرته أضر بدنياه فاثروا ما يبقى على ما يفنى- رواه احمد والحاكم فى المستدرك بسند صحيح عن ابى موسى والاخرة يعنى حظوظ الاخرة حرام على اهل الدنيا يعنى من همه الدنيا لا غير يعنى الكفار وفيهم قال الله تعالى فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ والدنيا والآخرة يعنى حبهما حرام على اهل الله وهم الذين امتلأ قلوبهم من حب الله تعالى لا تلتفت قلوبهم الى شىء من الدنيا والاخرة غير الله سبحانه روى ان رابعة البصرية أخذت فى احدى يديها ظرفا من ماء وفى الاخرى قطعة من نار فقيل لها اين تريدين قالت أريد ان أطفأ نار جهنم واحرق الجنة كيلا يعبد الناس الله تعالى طمعا فى الجنة ولا خوفا من النار بل خالصا لوجهه تعالى- قال المجدد للالف الثاني رضى الله عنه وكان هذا مبنيّا على السكر منها بل لا بد للمؤمن ان يطمع فى الجنة لا لنفسها بل لكونها محلا لرحمة الله تعالى ويتعوذ من النار لكونها محلا بسخط الله تعالى وغصته نعوذ بالله منها- فان قيل التمتع بحطام الدنيا ما لم يكن محرما لحق الله تعالى ولا الحق العبد جائز لما ذكرنا وطلب المعاش جائز بل فريضة حيث قال رسول الله ﷺ طلب الحلال فريضة بعد الفريضة- رواه الطبراني والبيهقي عن ابن مسعود فما معنى الدنيا وحبها- قلت معنى حب الدنيا ايثارها على الاخرة والانهماك فى اكتسابها ولذاتها بحيث يغفل عن اكتساب الثواب واجتناب العذاب والحرص على جمع المال وطول الأمل وزعم الأغنياء خيرا من الفقراء وتعظيم الأغنياء فوق تعظيم الفقراء لاجل غناه لا لدفع مضرة او مكافاة احسان او لغير ذلك من غرض مشروع او ان يريد علوّا فى الأرض او فسادا- واما طلب المعاش وكسب الأموال (من رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصّلوة وإيتاء الزّكوة يخافون يوما تتقلّب فيه القلوب والابصار) للانفاق على نفسه حتى يتقوى على عبادة ربه وعلى عياله أداء لحقوقهم وللانفاق فى سبيل الله فليس بمكروه بل منها ما هو واجب ومنها ما هو مستحب ومنها ما هو مباح قال رسول الله ﷺ أيما رجل كسب مالا من حلال فاطعم نفسه او كساها فمن دونه من خلق الله كان له