والاستثناء يعنى الشرط والجزاء يعنى كلما يأتيهم رسول يستهزءون به والجملة تعليل للحسرة فان المستهزئين بالناصحين المخلصين المنوط بنصحهم خير الدارين أحقاء ان يتحسروا وان يتحسر عليهم المتحسرون ويتلهف على حالهم الملائكة والمؤمنون من الثقلين ويجوز ان يكون تحسرا من الله عليهم على سبيل الاستعارة لتعظيم جنايتهم على أنفسهم ويؤيده قراءة يا بحسرتا- وقيل المنادى محذوف وحسرة منصوب بفعل مقدر تقديره يايها المخاطبون تحسروا حسرة على العباد- والحسرة شدة الحزن والندامة قال البغوي فيه قولان أحدهما يقول الله يا حسرة وندامة وكابة على العباد يوم القيامة لما لم يومنوا بالرسل والاخر انه من قول الهالكين قال ابو العالية لما عاينوا العذاب قالوا يا حسرة على العباد واللام فى العباد للعهد والمراد بهم اهل انطاكية او كل من لم يؤمن بالرسل واستهزأ بهم فهو تعريض لاهل مكة.
أَلَمْ يَرَوْا الم يعلموا وهو معلق عن قوله كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ لان كم لا يعمل فيما قبلها وان كانت خبرية لان أصلها الاستفهام فهو يستدعى صدر الكلام والضمير فى لم يروا لاهل مكة أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ (٣١) بدل اشتمال من كم على المعنى اى الم يروا كثرة إهلاكنا من قبلهم الم يروا انهم غير راجعين إليهم- ولمّا كان فى قوله انّهم إليهم لا يرجعون إيهاما الى ان الموتى لا يرجع ابدا ندفع ذلك الوهم قال.
وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٣٢) يوم القيامة قرأ عاصم وحمزة «ابو محمد وابن جمار» لما بالتشديد هاهنا وفى الزخرف والطارق وأخفها ابن عامر الا فى الزخرف فى رواية ابن ذكوان ووافق ابو جعفر فى الطارق والباقون بالتخفيف فمن فرأ بالتشديد فان نافية ولمّا بمعنى الا ومن قرأ بالتخفيف فان مخففة من الثقيلة واللام هى الفارقة وما مزيدة للتأكيد وجميع فعيل بمعنى مفعول ولدينا ظرف له او لمحضرون..
وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ قرأ نافع «وابو جعفر- ابو محمد» بالتشديد أَحْيَيْناها بالمطر خير للارض والجملة خير اية او صفة للارض إذ لم يرد بها معينة فهو كقوله ولقد امرّ على اللئيم يسبنى والأرض مبتدا خبرها اية او خبر لكونها نكرة والاية مبتدا والجملة معطوفة على قوله وان كلّ لّما- وجاز ان يكون أحييناها استئنافا لبيان كونها اية وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا