الكفار بعضهم بعضا شَدِيدٌ يعنى ليس ذلك الرهبة منكم لضعفهم وجنبهم فانهم أشد بأسا ان حارب بعضهم بعضا بل لقذف الله الرعب فى قلوبهم معجزة لرسوله وإظهارا لدينه فان الشجاع يجبن والعزيز يذل إذا حارب الله ورسوله تَحْسَبُهُمْ يا محمد جَمِيعاً مجتمعين متفقين على حربكم وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى اى متشتة بسبب إلقاء الرعب فان فى حالة شدة الخوف لا يتقرر قلبه على نهج مستقيم بل قد يريد الحرب نظرا الى مصالح دنيوية وقد يريد الفرار لاستيلاء الرعب والخوف ذلِكَ التشتت بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ ج الحق من الباطل ولا يتدبرون ولا يفهمون ان هذا الرعب انما استولى عليهم لكفرهم ومحاربتهم بالنبي المحق - ﷺ -.
كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعنى مثلهم اى بنى النضير كمثل الذين من قبلهم قَرِيباً يعنى اهل بدر من مشركى مكة كذا قال مجاهد وقال ابن عباس يعنى ببني قينقاع من اليهود هم قوم عبد الله بن سلام رض كانوا حلفاء عبد الله بن ابى بن سلول او عبادة بن الصامت وغيرهما من قومهما وكانوا أشجع يهود وكانوا صاغة ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ ج يعنى سوء عاقبة كفرهم وعداوتهم لرسول الله - ﷺ - فى الدنيا وذلك انه لما قدم النبي - ﷺ - مهاجرا وادعته اليهود كلها كتب بينه وبينهم كتابا والحق كل قوم بحلفائهم وجعل بينه وبينهم أمانا وشرط عليهم شروطا منهما ان لا يظاهروا عليه عدوا فلما كانت يوم بدر كانت قينقاع أول يهود ونقضوا العهد وأظهروا البغي والحسد فبينماهم على ما هم عليه من اظهار العداوة ونبذ العهد قدمت امرأة من العرب يحلب لها فباعت بسوق بنى قينقاع وجلست الى صايغ بها لحلى فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فلم تفعل فعمد الصانع الى طرف ثوبها من ورائها فخله بشوكة وهى لا تشعر فلما قامت بدت عورتها فضحكوا منها فصاحت فوثب رجل من المسلمين على الصانع فقتله وكان يهوديا وشدت اليهود على المسلم فقتلوه ونبذوا العهد الى النبي - ﷺ - واستصرخ اهل المسلم المسلمين على اليهود وغضب المسلمون فوقع الشر بينهم وبين بنى قينقاع وانزل الله سبحانه وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ على سواء فقال ﷺ انما أخاف من بنى قينقاع فسار إليهم رسول الله - ﷺ - بهذه الاية وحمل لوائه حمزة بن عبد المطلب واستخلف على المدينة أبا لبابة فتحصنوا فحاصرهم أشد الحصار فقاموا على ذلك خمسة عشر ليلة حتى قذف الله فى قلوبهم الرعب فنزلوا على حكم رسول الله - ﷺ - على ان للرسول - ﷺ - أموالهم وان لهم النساء والذرية فكتفوا واستعمل على كنا فهم المنذرين قرامة السلمى ومشى عبادة بن الصامت الى رسول الله - ﷺ - وقالوا يا رسول الله انوى الله ورسوله وابرأ من حلف هؤلاء الكفار فقام الى رسول الله - ﷺ -


الصفحة التالية
Icon