مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ اى وقعتم فى الإثم والهلاك قال البيضاوي جملة لو يطيعكم حال من أحد ضميرى فيكم وان مع اسمه وخبره مقيدا بالحال المذكور ساد مسد مفعولى اعلموا والمعنى ان فيكم رسول الله فى حال يجب تغيرها وهى انكم تريدون ان يتبع رايكم ولو فعل ذلك لعنتم ولما كان غضبهم على بنى المصطلق انما هو لما سمعوا من الوليد ارتدادهم بغضا فى الله لا لانفسهم وكان ما سبق من الكلام موهما لوقوعهم فى الإثم واللوم استدرك الله سبحانه ببيان عذرهم وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ ط الظاهر من سياق الاية ان الفسوق أخف من الكفر وأقبح من العصيان فالمراد به الخروج من الجماعة وارتكاب البدعة فى العقائد بحد لا يكفر فهو دون من الكفر وأخبث من عصيان الجوارح ومعنى الاية لكن ما صدر منكم من ترك التثبت انما كان لحبكم الايمان وبغضكم الكفر فلا لوم عليكم ولا اثم أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ جملة معترضة وفيه التفات من الخطاب الى الغيبة اشعارا بان من كان صفته مثل صفتكم فهم الراشدون.
فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً ط منصوبان على العلية من حبب وكره لا من الراشدون فان الفضل فعل الله والراشدون كان مسببا بفعله لكنه أسند الى ضميرهم او على المصدرية فان تحبب الايمان فضل من الله وانعام وقال بعض ائمة التفسير معنى قوله ان فيكم رسول الله فلا تكذبوه فان الله يخبره فيهتك ستر الكاذب وقوله لو يطيعكم فى كثير من الأمر كلام مستانف يعنى لو يطيعكم الرسول فيما يخبرونه كاذبا لعنتم وهذا التأويل يقتضى ان يكون قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلخ خطابا بالوليد وأمثاله وليس كك فان الكاذب غير مخاطب بالتثبت بل السامع مخاطب به وقال بعضهم واعلموا ان فيكم رسول الله معناه كما مر ان لا تكذبوا ولو يطيعكم كلام مستانف خطاب لبعض المؤمنين الذين زينوا رسول الله - ﷺ - الإيقاع ببني المصطلق والاستدراك خطاب لبعض اخر من المؤمنين الذين يريدون التثبت وهم المعينون بقوله تعالى أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ وهذا القول يفيد جد الا لاستلزامه انتشار الضمائر فى كلام واحد من غير قرينة وامر داع اليه والأحسن ما قال البيضاوي وَاللَّهُ عَلِيمٌ بأحوال المؤمنين حَكِيمٌ يفضل وينعم بالتوفيق عليهم اخرج الشيخان عن انس ان النبي - ﷺ - ركب حمارا وانطلق الى عبد الله بن ابى فقال إليك عنى فو الله لقد آذاني نتن حمارك فقال رجل من الأنصار والله لحماره أطيب ريحا منك فغضب لعبد الله رجل من قومه فشتما وغضب لكل واحد أصحابه


الصفحة التالية
Icon