يرد عليه ان الله تعالى أراد من المؤمنين وامر الناس أجمعين بأداء زكوة أموالهم رزقا للفقراء وان يطعموا أنفسهم وأهليهم ومن وجب عليهم نفقاتهم فكيف يقال ما أريد منهم ان يرزقوا اللهم الا ان يقال المقص من إيجاب الزكوة امتثال الأمر وفعل الأداء دون الترزيق ومن هاهنا قال ابو حنيفة لا يجب الزكوة على الصبى والمجنون ولكن هذا الجواب لا يستقيم فى العشر والخراج ونفقة الآباء والأولاد والزوجات فان المقصود إيصال الرزق الى العباد ولذا تجرى فيها النيابة ويتادى بأداء ولى الصبى.
إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ لجميع خلقه مستغن عنه ذُو الْقُوَّةِ على الترزيق وعلى كل ما أراد الْمَتِينُ شديدة المبالغ فى القدرة قيل فى تاويل الاية ان قوله تعالى ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ إلخ من كلام رسول الله - ﷺ - مقدر بقل يعنى قل يا محمد ما أريد منهم اى من الناس من رزق نظيره لا أسألكم عليه اجرا قال بعض المحققين قوله تعالى وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ بتقدير قل عطف على ذَكِّرْ والى قوله تعالى ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ داخل فى مقولة قل لا يقال كيف يصح ما خَلَقْتُ الْجِنَّ إلخ كلاما للرسول لانا نقول هو على طريقة قول الملك للسفير قل ان أمركم بكذا فيقول السفير بقول الملك انى أمركم بكذا وان الأمير يأمركم بكذا ومثل هذا متعارف.
فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم بالشرك والمعاصي واضاعة الفطرة السليمة ووضع الكفران موضع العبادة التي كلفوا بها وخلقوا مستعدين لها ذَنُوباً اى نصيبا من العذاب وهو فى الأصل الدلو العظيم الذي له ذنب واستعير للنصيب أخذ من مقاسمة السقاة الماء بالدلاء وقال الزجاج الذنوب فى اللغة النصيب مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ اى مثل نصيب نظرائهم من الأمم السابقة كعاد وثمود وفرعون وقوم نوح وقوم لوط والفاء للسببية تعليل لقوله فتول عنهم- فَلا يَسْتَعْجِلُونِ الفاء ايضا للسببية يعنى إذا سمعت وعيدي لكفار فهو يكفيك للتسلية فلا تستعجلون فى تعذيبهم وجاز ان يكون هذا خطابا بالكفار جوابا لقولهم متى هذا الوعد ان كنتم صادقين.
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ يعنى يوم القيامه وقيل يوم بدر الفاء للسببية مسبب لتحقق الوعيد والله تعالى اعلم.