غدا كما تفعل في أنا مقيم وإني مقيم.
وهي عند الخليل في إحدى الروايتين عنه، أصلها «لا أن»، وعند الفرّاء «لا» أبدلت ألفها نونا. وعند سيبويه وإحدى الروايتين عن الخليل حرف مقتضب لتأكيد نفي المستقبل.
أقول:
ويبدوا لي أنّ قول الفرّاء أوجه، وإن أصلها «لا» وهذا يعني أن التنوين عرض لها. وعلى هذا ألا يصح أن نقول: إنّ «إذا» أو «إذن» جاءت من «إذا»، وإنّ «من» الموصولة أو الشرطية هي من «ما»، ثم كان الاختصاص بعد ذلك في الاستعمال، بعد أن غبر عليها الزمان.
٥- قال تعالى: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ [الآية ٣١].
قال الزمخشري: «في الكشّاف ١:
١٢٦»
: وعلّم آدم مسمّيات الأسماء. ثم عرضهم، أي: عرض المسمّيات.
أقول: ذهب المفسرون إلى هذا التأويل بسبب الضمير «هم»، الذي يعود إلى جماعة العاقلين، والأسماء حقّها أن يكون الضمير العائد عليها هو «ها» للتأنيث، فيكون الفعل «عرضها».
أقول أيضا: لعل هذا الاختصاص في الضمائر في الاستعمال لم يكن واضحا وضوحا كافيا في الحقب البعيدة من تاريخ العربية.
وجاء في «الكشّاف» : وقرأ عبد الله:
عرضهن، وقرأ أبيّ: عرضها.
٦- قال تعالى: وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤٢).
قال الزمخشري: الباء التي في «الباطل» إن كانت صلة مثلها في قولك: لبست الشيء بالشيء، خلطته به، كان المعنى: ولا تكتبوا في التوراة ما ليس منها، فيختلط الحق المنزل بالباطل الذي كتبتم، حتى لا يميز حقها وباطلكم، وإن كانت باء الاستعانة كالتي في قولك: كتبت بالقلم، كان المعنى: ولا تجعلوا الحق ملتبسا مشتبها بباطلكم الذي تكتبونه.
أقول: كأن الأصوات الصامتة الساكنة التي ندعوها في كتب العربية القديمة «الحروف الصّحاح» هي مادة المعاني في الألفاظ، ثم تأتي الأصوات الصائتة التي دعيت «أحرف العلة»،


الصفحة التالية
Icon