كثير في كلام العرب، وذلك أنّهم جعلوها أسماء كالأسماء الأعجمية «هابيل» و «قابيل». فإمّا أن يكونوا جعلوها في موضع نصب ولم يصرفوها كأنّه قال: «اذكر حم وطس ويس»، أو جعلوها كالأسماء، التي هي غير متمكّنة فحرّكوا آخرها واحدة كفتح «أين»، وكقول بعض الناس (الحمد لله) بكسر الدال. وقرأ بعضهم (ص) و (ن) و (ق) «١» بالفتح، وجعلوها أسماء ليست بمتمكّنة فألزموها حركة واحدة وجعلوها أسماء للسورة، فصارت أسماء مؤنّثة. ومن العرب من لا يصرف المؤنث إذا كان وسطه ساكنا نحو «هند» و «جمل» و «دعد». قال الشاعر [من الطويل وهو الشاهد الرابع] :
وإنّي لأهوى بيت هند وأهلها على هنوات قد ذكرن على هند وهو يجوز في هذه اللغة أو يكون سمّاها بالحرف، والحرف مذكّر، وإذا سمّي المؤنث بالمذكّر لم ينصرف، فجعل ص وما أشبهها، اسما للسورة ولم يصرف، وجعله في موضع نصب.
وقرأ بعضهم (صاد والقرآن) «٢» فجعلها من «صاديت» ثم أمر، كما تقول «رام»، كأنه قال: «صاد الحقّ بعملك» اي: تعمّده «٣»، ثم قال وَالْقُرْآنِ [ص: ١] فأقسم، ثم قال بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ
(٢) [ص]. فعلى هذا وقع القسم. وذلك أنّهم زعموا أن «بل» هاهنا انّما هي «إنّ» فلذلك صار القسم عليها «٤».

(١). في الطبري ٢٣: ١١٨ نسبت إلى عيسى بن عمر وهي مرجوحة عنده وفي الشواذ ١٢٩ كذلك وفي المحتسب ٢:
٢٣٠ اقتصر على فتح الدال من (ص) وفي الجامع ١٥: ١٤٣ نسبت الثلاثة إلى عيسى، وزاد في البحر ٧: ٣٨٣ محبوبا عن ابن عمر، وفرقة لم يعيّنها واقتصر في الشواذ ١٢٤ على فتح الميم من (حم) ونسبة إلى عيسى بن عمر، وكذلك في الجامع ١٥: ٢٩٠. وجاءت في الأصل (ن) مكتوبة اللفظ (نون)
. (٢). سورة ص ٣٨: ١. في معاني القرآن ٢: ٣٩٦ خفض الدال من (ص) إلى الحسن. والطبري ٢٣: ١١٨ إلى عبد الله بن أبي إسحاق، وهي مرجوحة بقراءة السكون، وفي الشواذ ١٢٩ زاد أبا السمال، وفي المحتسب ٢: ٢٣٠ إلى أبي بن كعب والحسن وابن أبي إسحاق. وفي الجامع ٥: ١٤٢ زاد نصر بن عاصم وفي البحر ٧: ٣٨٣ زاد أبا السمال وإبراهيم بن أبي عبلة
. (٣). في إيضاح الوقف والابتداء ١: ٤٨٣ و ٤٨٤ نقل الرأي بلفظ مخالف وزيادات
. (٤). نقله في الصحاح واللسان «بلل»
.


الصفحة التالية
Icon