ولا جدال في الحجّ) «١» فرفعوا الأوّل على ما يجوز في هذا من الرفع، أو على النهي، كأنّه قال «فلا يكونن فيه رفث ولا فسوق» كما تقول «سمعك إليّ» تقولها العرب فترفعها، وكما تقول للرجل: «حسبك» و «كفاك». وجعل الجدال (نصبا) على النفي. وقال الشاعر «٢» [من الكامل وهو الشاهد الثامن] :

ذاكم وجدّكم الصّغار بأسره لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أب «٣»
فرفع أحدهما ونصب الأخر.
وأمّا قوله تعالى لا فِيها غَوْلٌ [الصافات: ٤٧] فرفع، لأنّ «لا» لا تقوى أن تعمل إذا فصلت، وقد فصلتها ب «فيها» فرفع على الابتداء ولم تعمل «لا».
وقوله فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢) ف «فيه» و «عليه» و «إليه»، وأشباه ذلك في القرآن كثير. وذلك أنّ العرب، إذا كان قبل هذه الهاء التي للمذكّر ياء ساكنة، حذفوا الياء التي تجيء من بعد الهاء أو الواو، لأنّ الهاء حرف خفي، وقع بين حرفين متشابهين، فثقل ذلك.
فمن كان من لغته إلحاق الواو إذا كان قبلها كسرة، ولم يكن قبلها الياء، ترك الهاء مضمومة، إذا كان قبلها الياء الساكنة، ومن كان من لغته إلحاق الياء، ترك الهاء مكسورة إذا كان قبلها الياء الساكنة. وكذلك إذا كان قبل الهاء ألف ساكنة أو واو فإنّه يحذف الواو التي تكون بعد الهاء، ولكن الهاء لا تكون إلّا مضمومة نحو فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ [الشعراء: ٤٥] وقوله تعالى فَكَذَّبُوهُ «٤» وقوله
(١). في الطبري ٤: ١٥٤ نسبت إلى جماعة من البصريين وكثير من أهل مكة منهم عبد الله منهم عبد الله بن كثير وأبي عمرو بن العلاء، «وفي معاني القرآن ١: ١٢٠ إلى مجاهد وفي السبعة ١٨٠ إلى ابن كثير وأبي عمرو وفي الكشف ١: ٢٨٥، و ٢٨٦ والتيسير ٨٠ والبحر ٢: ٨٨، كذلك أمّا في الحجة ٧١، والجامع ٢: ٤٠٨، فقد ذكراها ولم ينسبا
. (٢). في الكتاب (١: ٣٥٢) أنّه رجل من مذحج وقد أيّد ذلك الأعلم في الهامش، وورد في المقاصد النحوية ٢: ٣٣٩ في شواهده الاختلاف في نسبته إلى همام بن مرة أخي جساس أو إلى رجل من بني عبد مناة، او ابن أحمر، أو ضميرة بن ضمرة
. (٣). رواه ابن الناظم (هذا لعمركم) (٧٥) وكذلك فعل ابن عقيل (١: ٣٤٢) وابن هشام في الشذور (٨٦)، ورواه في المقاصد النحوية «هذا وجدكم»
هـ الخزانة ٢: ٣٣٩» ورواه الفرّاء «بعينه» في المعاني (١: ١٢١)
. (٤). جاء هذا التعبير في تسعة مواضع من الكتاب الكريم، أوّلها الأعراف ٧: ٦٤، وآخرها الشمس ٩١: ١٤
.


الصفحة التالية
Icon