ربّ من أنضجت غيظا صدره قد تمنّ لي شرّا لم يطع «١»
فلولا أنّها نكرة بمنزلة «رجل»، لم تقع عليها «ربّ».
وكذلك (ما) نكرة إلّا أنّها بمنزلة «شيء». ويقال: إنّ قوله تعالى هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ [ق: ٢٣] على هذا. جعل (ما) بمنزلة «شيء» ولم يجعلها بمنزلة «الذي» فقال: «ذا شيء لديّ عتيد».
وقال الشاعر «٢» [من الخفيف وهو الشاهد الحادي والعشرون] :
ربّ ما تكره النفوس من الأمر له فرجة كحلّ العقال «٣»
فلولا أنّها نكرة بمنزلة «من» لم تقع عليها «ربّ». وقد يكون هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ على وجه آخر، أخبر عنهما خبرا واحدا كما تقول: «هذا أحمر أخضر». وذلك أن قوما من العرب يقولون: «هذا عبد الله مقبل». وفي قراءة ابن مسعود «٤» (وهذا بعلي شيخ) «٥» [هود: ٧٢] كأنه أخبر عنهما خبرا واحدا، أو يكون كأنّه رفعه على التفسير، كأنه إذا قال: هذا ما لَدَيَّ، قيل: «ما هو» ؟ أو علم أنه يراد ذلك منه فقال عَتِيدٌ أي ما عندي عتيد.
وكذلك (وهذا بعلي شيخ). وقال الراجز «٦» [وهو الشاهد الثاني والعشرون] :
من يك ذا بتّ فهذا بتّي مقيّظ مصيّف مشتّي «٧»
وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ [النساء: ٥٨] ف «ما» ها هنا اسم ليست له
(١). ديوانه ٣٠ بلفظ «قلبه» و «موتا».
(٢). هو أميّة بن أبي الصّلت، وقيل غيره انظر ديوان أمية بن أبي الصلت ٥٨٥، حيث تجد التخريجات.
(٣). ديوانه ٤٤٤، بلفظ «تجزع» بدل «تكره».
(٤). هو عبد الله بن مسعود الصحابي الكبير، وله قراءات تفرّد بها وتوفي سنة ٣٢ هـ (طبقات ابن خياط ١٦ وطبقات ابن سعد ٣: ١٥٠ والمعارف ٢٤٩ وتقريب التهذيب ١: ٤٥٠).
(٥). وانظر لهذه القراءة معاني القرآن ٢: ٢٣، والمصاحف ٦٣، والبحر ٥: ٢٤٤، وأضيف في الجامع ٩: ٧٠ أبيّ، ونسبت في المحتسب ١: ٣٢٤ إلى الأعمش.
(٦). هو رؤبة بن العجاج، انظر ديوانه ١٨٩.
(٧). في الكتاب ١: ٢٥٨، ومجاز القرآن ٢: ٢٤٧، والصحاح «بتت» بلفظ «كان» بدل يك في (قيظ) كذلك وفي (صيف) و «شتا» ب «يك» وفيها جميعها بلا نسبة.


الصفحة التالية
Icon