يدل على نفي الجبر، وعلى إثبات أنّ الكل بقضاء الله وقدره. وقوله:
اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)، إلى آخر السورة، يدل على إثبات قضاء الله، وعلى النبوات، فقد اشتملت هذه السورة على المطالب الأربعة، التي هي المقصد الأعظم من القرآن «١».
وقال البيضاوي: هي مشتملة على الحكم النظرية، والأحكام العملية، التي هي سلوك الصراط المستقيم، والاطلاع على مراتب السعداء، ومنازل الأشقياء «٢».
وقال الطيبي: هي مشتملة على أربعة أنواع من العلوم التي هي مناط الدين:
أحدها: علم الأصول، ومعاقدة معرفة الله عز وجل وصفاته، وإليها الإشارة بقوله تعالى:
رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣)، ومعرفة المعاد، وهو المومى إليه بقوله: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤).
وثانيها: علم ما يحصل به الكمال، وهو علم الأخلاق. وأجلّه الوصول إلى الحضرة الصّمدانية، والالتجاء إلى جناب الفردانية، وسلوك طريقة الاستقامة فيها، وإليه الإشارة بقوله تعالى: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧).
قال: وجميع القرآن تفصيل لما أجملته الفاتحة، فإنّها بنيت على إجمال ما يحويه القرآن مفصّلا، فإنها واقعة في مطلع التنزيل، والبلاغة فيه: أن تتضمن ما سيق الكلام لأجله، ولهذا لا ينبغي أن يقيّد شيء من كلماتها ما أمكن الحمل على الإطلاق «٣».
وقال الغزالي في «خواصّ القرآن» :
مقاصد القرآن ستة، ثلاثة مهمة، وثلاثة تتمة.
(٢). تفسير البيضاوي: ١: ٣٥ بحاشية الشهاب الخفاجي.
(٣). الطيبي هو: الحسين بن عبد الله بن محمد الطيبي الإمام المشهور، وأحد كبار علماء الحديث والتفسير واللغة.
توفي عام ٧٤٣ هـ. أنظر الدرر الكامنة لابن حجر: ٢: ١٥٦، والبدر الطالع للشوكاني: ١: ٢٢٩، وبغية الوعاة للسيوطي: ٢٢٨.
وكلامه هذا في شرح الكشاف له. مخطوط بالأزهرية. ج ١ ورقة ٢٩ أ. [.....]