بها. فإذا اتصل (الكلام) بشيء قبله استغنى عن هذه الألف. وكذلك كل ألف كانت في أول فعل أو مصدر، وكان «يفعل» «١» من ذلك الفعل ياؤه مفتوحة فتلك ألف وصل، نحو قوله:
وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا. لأنك تقول: (يهدي) فالياء مفتوحة.
وقوله: أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ [البقرة: ١٦ و ١٧٥]، وقوله: يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً [غافر: ٣٦]، وقوله:
وَعَذابٍ (٤١) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ [ص]، وأشباه هذا في القرآن كثيرة. والعلة فيه كالعلة في «اسم»، و «اثنين» وما أشبهه لأنه لما سكن الحرف الذي في أول الفعل، جعلوا فيه هذه الألف ليصلوا إلى الكلام به إذا استأنفوا، أي: إذا ابتدءوا.
وكل هذه الألفات اللواتي في الفعل إذا استأنفتهنّ، أي إذا ابتدأت بهن، كنّ مكسورات، فإذا استأنفت، أي إذا ابتدأت، قلت: (اهدنا الصراط) و (ابن لي) و (اشتروا الضلالة)، إلا ما كان منه ثالث حروفه مضموما فإنك تضم أوله إذا استأنفت، تقول: (أركض برجلك) [ص: ٤٢]، وتقول (أذكروا الله كثيرا) [الأنفال: ٤٥]، وإنما ضمّت هذه الألف، إذا كان الحرف الثالث مضموما، لأنهم لم يروا بين الحرفين إلا حرفا ساكنا، فثقل عليهم أن يكونوا في كسر ثم يصيروا إلى الضم، فأرادوا أن يكونا جميعا مضمومين إذا كان ذلك لا يغيّر المعنى.
وقالوا في بعض الكلام في «المنتن» :«منتن». وإنما هي من «أنتن» فهو «منتن»، مثل «أكرم» فهو «مكرم».
فكسروا الميم لكسرة التاء. وقد ضم بعضهم التاء فقال «منتن» «٢» لضمة الميم وقد قالوا في «النّقد» «٣» :«النّقد»

(١). عبر ب «يفعل» عن الفعل المضارع وهذا ديدن الأوائل من النحاة والمعربين.
(٢). ذكر ابن منظور في اللسان كسر الميم والتاء، ولم ينسبهما لغتين ونقل رأي ابن جني فيهما، ورأي الجوهري ورأي أبي عمرو في ذلك (نتن) وفي البيان ١: ٢٤ نقل الرأي في الاتباع بالكسر ولم ينسبه.
(٣). في الأصل: النقد، وليس ذلك صوابا بدلالة ما بعده من قوله فكسروا النون لكسرة القاف. والنقد صفة الضرس إذا ائتكل وتكسر فهو نقد «اللسان نقد» ولم يذكر لغة الاتباع ومن يأخذ بها. وجاء في خلق الإنسان للأصمعي:
يقال نقدت أسنان فلان فهي تنقد نقدا وهو أن يقع فيها القادح،. وقال الشاعر هو صخر الغي:
تيس تيوس إذا يناطحها يألم قرنا أرومه نقد
يعني: أصله قد نقد أي انكسر مما يناطح: و «الأروم» جمع «الأرومة».


الصفحة التالية
Icon