إعراب. ولكن يدلّك على أنه المفتوح أو المكسور في الرفع والنصب والجر الياء التي للنصب والجر لأنها علامة للإعراب.
وقد قال ناس من العرب «الشياطون» «١» لأنهم شبهوا هذه الياء التي كانت في «شياطين» إذا كانت بعدها نون، وكانت في جمع وقبلها كسرة، بياء الإعراب التي في الجمع.
فلما صاروا إلى الرفع أدخلوا الواو.
وهذا يشبه «هذا جحر ضبّ خرب» فافهم.
وأما قوله تعالى إِيَّاكَ نَعْبُدُ [الآية ٥] ولم يقل (أنت نعبد) فلأنّ هذا موضع نصب، والله أعلم. وإذ لم يجز، في موضع النصب على الكاف أو الهاء وما أشبه ذلك من الإضمار الذي يكون للنصب، جعل «إيّاك» أو «إيّاه» أو نحو ذلك ممّا يكون في موضع نصب. قال تعالى: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً [سبأ: ٢٤] لأنّ هذا موضع نصب، تقول: «إنّي أو زيدا منطلق». وضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء: ٦٧]. هذا في موضع نصب.
كقولك: «ذهب القوم إلا زيدا». (و) إنما صارت (إياك) في إِيَّاكَ نَعْبُدُ في موضع نصب من أجل (نعبد) وكذلك:
وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) «٢» أيضا.
وإذا كان موضع رفع جعلت فيه (أنت) و «أنتما» و «أنتم» و «هو» و «هي» وأشباه ذلك.
وأما قوله تعالى اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) فبمعنى: «عرفنا»، وأهل الحجاز يقولون: «هديته الطريق» أي: عرفته، وكذلك «هديته البيت» في لغتهم، وغيرهم يلحق به «إلى»، ثم قال:
صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الآية ٧] نصب على البدل. و (أنعمت) مقطوع الألف لأنك تقول «ينعم» فالياء مضمومة فافهم. وقوله:
غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ [الآية ٧] هؤلاء صفة الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ

(١). لم أعثر على من تكلّم بهذه اللغة، ولكن جاء في اللسان «شطن» : وقرأ الحسن وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ (٢١٠) [الشعراء]. قال ثعلب: «هو غلط منه» وقال في ترجمة «جنن» :«المجانين» جمع «المجنون» أمّا «مجانون» فشاذ كما شذّ: «شياطون» في «شياطين».
(٢). في الصحاح «هدى» نقل هذا الرأي الأخفش.


الصفحة التالية
Icon