أشاحوا عن الحقّ وساروا في الضّلال، وقتلوا الأنبياء وحرّفوا كلام الله، ودبّروا الفتن والدسائس. وقد حذّرنا الله من كيدهم، وأمرنا ألّا نصغي إلى فتنتهم وتفرقتهم، وأن نأخذ الحذر منهم وأن نعدّ العدّة لمقاومتهم واستخلاص الحقوق المغتصبة من أيديهم. قال رسول الله (ص) :«لن تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود فيختبئ أحدهم «وراء» الحجر فيقول الحجر يا عبد الله هذا يهودي ورائي فاقتله».
وفي قصة البقرة عبرة للمشدّدين فإنّ الله أمر بني إسرائيل بأن يذبحوا بقرة.
فلو بادروا إلى ذبح أيّ بقرة لأجزأتهم، ولكنهم تشدّدوا في تعرّف صفاتها، فكانوا كلّما طرحوا سؤالا زيدوا تشديدا حتّى صارت البقرة نادرة.
وفي الأثر: «لا تكونوا كبني إسرائيل شدّدوا فشدّد عليهم».
وفي القرآن: فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) [الأعراف].
الأهداف العامة لسورة البقرة
سورة البقرة من أجمع سور القرآن الكريم، وقد اشتملت على الأهداف الآتية:
١- بيان أصول العقيدة وذكر أدلّة التوحيد ومبدأ خلق الإنسان.
٢- بيان أصناف الخلائق أمام هداية القرآن. وقد ذكرت أنّهم أصناف ثلاثة:
المؤمنون، والكافرون، والمنافقون.
٣- تعرضت السورة لتاريخ اليهود الطويل، وناقشتهم في عقيدتهم، وذكّرتهم بنعم الله على أسلافهم، وبما أصاب هؤلاء الأسلاف حينما التوت عقولهم عن تلقي دعوة الحق من أنبيائهم السابقين، وارتكبوا من صنوف العناد والتكذيب والمخالفة. واقرأ في ذلك قوله تعالى في السورة.
يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٤٠).
إلى آخر آية البر في منتصف السورة تقريبا وهي:
لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ [الآية ١٧٧].
وهذا الغرض من أغراض السورة استدعاه جوار المسلمين لليهود في المدينة.
٤- والنصف الأخير من سورة البقرة اشتمل على التشريع الإسلامي الذي


الصفحة التالية
Icon