فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (١٥٢).
وقوله تعالى: رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) تفصيله قوله: اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢). وقوله: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩). ولذلك افتتحها بقصة خلق آدم (ع) الذي هو مبدأ البشر «١»، وهو أشرف الأنواع عن العالمين، وذلك شرح لإجمال رَبِّ الْعالَمِينَ (٢).
وقوله تعالى: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. وقد أومأ إليه بقوله في قصّة آدم (ع) : فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٥٤). وفي قصّة إبراهيم (ع) لمّا سأل الرزق للمؤمنين خاصة بقوله: وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ [الآية ١٢٦]. فقال: وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا [الآية: ١٢٦].
وذلك لكونه رحمانا. وما وقع في قصة بني إسرائيل: ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ [الآية ٥٢]. إلى أن أعاد الآية بجملتها في قوله: لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (١٦٣). وذكر آية الدّين «٢» إرشادا للطالبين من العباد، ورحمة بهم.
ووضع عنهم الخطأ والنسيان والإصر وما لا طاقة لهم به، وختم بقوله:
وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا [الآية ٢٨٦] وذلك شرح قوله: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
وقوله تعالى: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤). وتفصيله: ما وقع من ذكر يوم القيامة في عدّة مواضع، ومنها قوله:
وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ [الآية ٢٨٤]. والدين (في الفاتحة) : الحساب: (في البقرة).
وقوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ مجمل شامل لجميع أنواع الشريعة الفرعية، وقد فصّلت في البقرة أبلغ

(١). وذلك في قوله تعالى: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً [الآية ٣٠] إلى قوله: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ [الآية ٣٧].
(٢). هي قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [الآية ٢٨٢].


الصفحة التالية
Icon