وعلاقة أحدهما بالآخر، وتعيين الحد بينهما، ولم أجد في كتب التفسير شيئا من هذا العلم اللغوي، الذي يبحث في دقائق الفروق.
وقد ورد «الشكّ» في خمس عشرة آية في سور مختلفة، جاء في ست منها موصوفا بالوصف «مريب» كما أشرنا.
و «الشكّ» نقيض اليقين، فاليقين ثبوت العلم، أما الشكّ فهو نقيضه.
وكأنه حال من التردد بعيد عن الاستقرار.
والذي أراه أنه أضعف من «الريب»، ولو لم يكن ذلك لما وصف «الشكّ» في ست آيات ب «مريب»، منها قوله تعالى:
وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٩) [إبراهيم].
ويدلنا هذا على أن «الشك» قد ورد في تسع آيات أخرى غير موصوف بهذا الوصف، ويبدوا أنها تعني اليقين الثابت، كقوله تعالى:
فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ [يونس: ٩٤].
إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [يونس: ١٠٤].
قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [إبراهيم: ١٠].
بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ (٦٦) [النمل].
إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ [سبأ: ٢١].
أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ (٨) [ص].
فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ [غافر: ٣٤].
بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (٩) [الدخان].
ألا ترى أن كلمة «الشكّ» في هذه الآيات التسع تعني التردد وعدم اليقين، وهي أضعف في دلالتها على المعنى من «الشكّ» موصوفا «بمريب» في الآيات الست التي أشرنا إلى بعض منها؟
إن «الشكّ» قد ورد في سورة يونس، الآية ٩٤، في أسلوب الشرط وهو من أساليب الإنشاء. وأساليب الإنشاء في جملتها لا تحتمل الصدق


الصفحة التالية
Icon