المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «المعارج» «١»
لم قال تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) ويفسّره ما بعده، والإنسان في حال خلقه ما كان موصوفا بهذه الصفات؟
قلنا: «هلوعا» حال مقدّرة. فالمعنى مقدرا فيه الهلع كما في قوله تعالى:
مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ [الفتح: ٢٧] وهم ليسوا محلّقين حال الدخول.
فإن قيل: لم قال تعالى: الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ (٢٣)، ثم قال تعالى في موضع آخر من القرآن الكريم:
وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩) [المؤمنون] فهل بينهما فرق؟
قلنا: المراد بالدوام المواظبة والملازمة أبدا. وقيل: المراد به سكونهم فيها بحيث لا يلتفتون يمينا ولا شمالا واختاره الزجّاج وقال:
اشتقاقه من الدائم بمعنى الساكن، كما جاء في الحديث «أنه (ص) نهى عن البول في الماء الدائم» قلت: وقوله تعالى عَلى ينفي هذا المعنى فإنه لا يقال: هو على صلاته ساكن، بل يقال: هو في صلاته ساكن. والمراد بالمحافظة عليها أداؤها على أكمل وجوهها، جامعة لجملة سننها وآدابها، فالدوام يرجع إلى الصلاة نفسها والمحافظة على أحوالها.

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها»، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.


الصفحة التالية
Icon